دراسة نشرت في مطلع تشرين الثاني 2005م
الجزء الأول
مقدمة
هذا كتاب في ملامح الرواية العربية في سورية يحاول فيه مؤلفه أن يُسهم في استجلاء الصورة التي وصلت إليها هذه الرواية، وأن يوضّح أبعادها واتجاهاتها، وبخاصة أنَّ الجنس الروائي قد قطع شوطاً لا بأس به في بلادنا، واهتمّت به المؤسسّات والقرّاء، حتى غدا اليوم ديوان العرب الجديد، فملأ الدنيا وشغل الناس لانتشار السينما والتلفاز والدراما والسرديات من جهة، ولاهتمام هذا الجنس بالحياة والمشكلات العامة للناس من جهة أخرى، وثمة كتب ودراسات في هذا المجال، ولكنَّ ذلك محصور في البحوث الأكاديمية التي تُدبج بقصد الحصول على اللقب العلمي، وهي كثيرة جداً، والفائدة المرجوة منها قليلة، أو الدراسات النظرية التي تنقل أكثر مما تكتشف وتبدع، ولذلك وجدت من المفيد أن يتلاقى الوجه النظري بالوجه التطبيقي، ليكون المحصول قريباً من المتلقي فجاء هذا الكتابُ في قسمين: يتضمن القسم الأول محور الرواية فنيّاً وتاريخياً في سورية، وقد تعرّضت فيه لأربعة موضوعات: مصطلح الرواية، وأنواع الرواية في سورية، ثمَّ وقفت عند الرواية العربية في مرحلة البدايات مركّزاً على دور سورية فيها، لأخلص إلى بنية الرواية التاريخية في سورية لأهميتها، وخصوصاً في هذه المرحلة. أما القسم الثاني فقد خُصّص للتطبيق، وهو يتضمن ثلاثة محاور اقتصر الأول منها على دراسة ثلاثة نصوص روائية لعبد الكريم ناصيف لغزارة إنتاجه، وتفرّد المحور الثاني بقراءة دلالية لرواية "المنخورة" لعبد الإله الرحيل، في حين توزّع المحور الثالث في دراسة المكان في الرواية على ثلاث روايات لكلِّ من خيري الذهبي وباسم عبدو والياس أنيس الخوري.
وإذا كان لابدّ من الحديث عن المنهج الذي استعنّا به في هذه الدراسة فهو المنهج الفنّي الجمالي التحليلي في التطبيق (القسم الثاني)، وحاولنا أن نبحث عن الجماليات التي تضيفها هذه الرواية أو تلك إلى المتلقي، فالرواية عمل فنّي متكامل أولاً وأخيراً، ولابدّ من أن تكون ذات خصوصية واستقلالية، كالقصيدة تماماً، ثمّ إننا لجأنا إلى عملية الاختيار النّصّي، ولا يعني ذلك أن النصوص المدروسة هي الأكثر جودة، وليس هذا من غرض الناقد والنقد، ولاسيّما أنّه إزاء نصّ يختبره ويفككه ويُعيد قراءته وإنتاجه، ويبيّن ما لـه وما عليه، ثمَّ إنّ نظرة سريعة إلى كميات الإنتاج الروائي في أيّ قطر من الأقطار العربية اليوم، وبخاصة في سورية، تبيّن لصاحبها أنها في تصاعد مستمر، وهي مختلفة فنيّاً بين الجودة والرداءة، والإنتاج متعدّد ومتنوّع ومختلف ومتداخل، وبما أننا لجأنا إلى الاختيار فإن أسماء كثيرة غابت عن هذه الدراسة، إمَّا لأن كثيراً من الأبحاث والدراسات قد تناولتها، وصار الحديث عنها من فضول الكلام، كروايات حنا مينة، وعبد السلام العجيلي وغادة السمان وياسين رفاعية وفارس زرزور، وإما لأنّ الدارس قد قصّر في الوصول إليها أو معرفتها في زحمة الإنتاج، ولكنَّ الأهمّ من ذلك كلّه أنّه قد قدّم صورة واضحة عن ملامح الرواية العربية في سورية، وهذا ما سعى إليه.
وثمة مشكلة أخرى في المنهج يمكن أن يطالعها القارئ بسهولة في القسم الأول، وهي التطرق في الحديث عن بدايات الرواية العربية إلى روايات جورجي زيدان وسليم البستاني ومحمد المويلحي وأمثالهم، وتسويغ ذلك سهل، وهو أنّ الرواية بدأت في بلاد الشام، ثم انطلقت إلى مصر، وقد ظلت بلاد الشام موحدة إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى إثر تطبيق معاهدة سايكس بيكو، ثمَّ إن نشأة الرواية العربية في سورية ليست منفصلة عن الرواية العربية في لبنان ومصر، ولا سيما بعد أن ازدهرت مع نجيب محفوظ، فردّت مصر للشاميين الدين الذي كان عليها، فالثلاثية التي اشتغل عليها محفوظ انتقلت بصورة أو بأخرى إلى روايات في سورية والعراق والأردن ولبنان... أما الوقوف عند رواية "طقوس المنفى" لالياس خوري في القسم الثاني، فهو مشروع أيضاً... صحيح أن هذا الروائي فلسطيني الأصل وأنّ موضوع روايته فلسطيني هو الآخر، ولكنَّ هذا الكاتب يعيش في سورية، ويعمل فيها، وهو نتاج ثقافتها، وليس موضوع روايته غريباً عن موضوعات الرواية العربية في سورية، وهو وضع المخيمات الفلسطينية، ولذلك جاءت دراسة هذه الرواية لتسدّ نقصاً، وبخاصة أنّ إسهام المثقّف الفلسطيني في سورية وسواها ليس بسيطاً ولا عاديّاً.
وبعد، فإن كنتُ قد أسهمت في إضاءة ملامح الرواية العربية في سورية في هذا العمل المتواضع فهذا ما كنتُ أسعى إليه، وإن كنتُ قد قصّرت عن بلوغ السعي فإنّني ألتمس المعذرة، لأنّ الجهد الإنساني معرّض للتقصير والاستدراك،
الجزء الثاني
ـ أنواع الرواية في سورية
النقد ابن التفكير الإنساني، وهو ميَّال إلى التصنيف منذ نشأته، ولكلّ ناقد كبير معاييره في هذه العملية، فقد انطلق أفلاطون من منظور الأخلاق والفلسفة والمنفعة العامة حين طرد من المدينة الفاضلة (الجمهورية) شعراء الرذيلة، وأبقى على شعراء الفضيلة حسب معاييره السالفة، وقد أهمل هذا الفيلسوف المعايير الفنية لغلبة معاييره عليها حسب وجهة نظره، ولكنَّ تلميذه أرسطو خالفه فيما ذهب إليه لاختلاف المعايير، فقدّم المعيار الفنيّ على سواه، وكان كتابه "فنّ الشعر" عملاً تأسيسياً للنقد، فقدّم الشعر الموضوعي على سواه، وذهب إلى أنّ المحاكاة لا تكون إلا في الشعر التمثيلي، وهي في محاكاة الموضوع، ويختلف الموضوع حسب طبيعة أبطاله، أخياراً كانوا أم أشراراً، فالشعراء يحاكون إما من هم أفضل منَّا أو أسوأ، وهذا الفارق يميّز التراجيديا من الكوميديا، فهذه تصوّر الناس أدنياء، وتلك تصوّرهم أعلى من الواقع(1).
لم يكتفِ أرسطو بهذا المعيار الذي قد يكون قريباً من معيار الأخلاق الأفلاطوني، وإنَّما استخدم معياره الفنيّ بقوة، فذهب إلى أنّ في الشعر جنساً أعلى وجنساً أدنى، فالتراجيديا هي الجنس الأعلى، والشعر الغنائي هو الجنس الأدنى، ولذلك نفاه من كتابه أو ألحقه بالموسيقا، ثم ذهب في تصنيفاته إلى أنّ الشعر جنس، وأنواعه التراجيدي والملحمي والغنائي.
ظلّت قضية التصنيف ملازمة لتناول الأدب ودراسته منذ أفلاطون إلى يومنا هذا، وإن اختلفت الأدوات والمعايير، وقد تجلّت هذه التصنيفات في كتابات القدماء والمعاصرين (أفلاطون ـ أرسطوـ هوراس ـ هيغل ـ لوكاتش ـ تودوروف ـ جينيت...الخ)، ولكن لابدّ من الاعتراف بأن المعايير اختلفت في هذه التصنيفات، ولذلك اختلفت التصنيفات، فهناك معايير المضمون والموضوع، ولذلك كانت تسمية الرواية بتسمية موضوعها، كالرواية التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية أو البوليسية أو العاطفية أو سوى ذلك، وثمة المعيار الأيديولوجي، كتصنيف الرواية إلى رواية هادفة ورواية نقيض ذلك، وثمة التصنيف الطبقي، كالرواية البرجوازية والرواية البروليتارية، وثمة التصنيف البيئي، كالرواية المدنية والرواية الريفية، وثمة التصنيف الغائي، كرواية التسلية ورواية التثقيف، وثمة التصنيفات الفنية، كرواية الحدث أو رواية الشخصية (تيار الوعي)، أو رواية المكان، ثم هناك الرواية ذات الأصوات المتعددة، أو الرواية الغنائية ذات الصوت الوحيد، أو الرواية التحليلية والرواية الرمزية، وثمة تصنيفات أخرى يصعب حصرها اليوم، ولكن لابد من عرض ثلاث ملاحظات قبل الدخول في هذا الموضوع، وهي سرعة التحولات الروائية، ورفض مقولة الأجناس، وقضية العنصر المهيمن، فالرواية أولاً جنس أدبي سريع التحوّل، وهو جنس لقيط، وإن ادّعى لوكاتش بأن الرواية ملحمة البرجوازية، فهناك من يذهب إلى أنها بنت الرومانس، وفيها من التاريخ والأيديولوجيا والدين والشعر والترجمات وكتب الرحلات وسواها الشيء الكثير، ولذلك كانت الرواية بلا نسب صريح، ثم هي شبيهة بفاتح جبَّار يسخّر البلاد التي يفتتحها لمصلحته، ثم هو فاتح لا يعرف التوقف عند حدّ من الحدود، ولذلك هو يساير الحياة نفسها، ويتطوّر بتطورها، هو جنس لا ينظر إلى الوراء أبداً، ومن هنا نفسّر ما ذهب إليه أحد الدارسين من أن الرواية تستعصي على التعريف والتصنيف على نقيض الشعر والمسرحية: "أما الرواية فيبدو أنّها تحظى بتجربة مطلقة فهي كمادة سيميائية معقّدة وغير متجانسة تستعصي على التصنيف وتقاوم كل محاولة تعريفية"(2).
والملاحظة الثانية رفض مقولة التصنيفات والأجناس الأدبية، وقد بدأت هذه الحركة مع الرومانسية وتجاوزاتها لمحاكاة أرسطو والثورة عليها، وتعزّزت مع الفيلسوف والناقد الإيطالي بندتو كروتشه الذي رفض بشّدة الحدود التي أقامها أرسطو بين الأجناس الأدبية وسار عليها الكلاسيكيون من بعده، فقال: "إن تقولوا هذه ملحمة أو هذه دراما أو هذه قصيدة غنائية فتلك تقسيمات مدرسية لشيء لا يمكن تقسيمه(3)، ثمَّ تعززت هذه الفكرة مرّة أخرى في مقولة "الأدبية" التي كانت نتاج الشكلانية الروسية بعامة، ورومان ياكبسون بخاصة، صحيح أن هذه المقولة لجأت هي الأخرى إلى عملية التصنيف: أدب/ لا أدب، ولكنَّها شملت في مفهوم الأدبية الأجناس جميعها، ثم جاءت ثورة رولان بارت على هذه التصنيفات القديمة. أما "الكتابة" فهي الأدب النموذجي، وهي تهشم كل تصنيف، ولا تنتج إلا النصوص، والنص لا يُصنَّف، وحضوره يلغي الأجناس الأدبية(4)، ولذلك سار هذا الاتجاه في أدب الحداثة وما بعدها سريان النار في الهشيم، فبدأ الحديث عن أدب اللانوع واللاقصيدة واللارواية واللامسرحية، والمقصود من ذلك كلّه أنَّ طبيعة الأدب الجديد مختلفة، عن طبيعة الآداب القديمة ذات الحدود، وهذا ما ذهبنا إليه في دراستنا عن "القصيدة المتكاملة" التي تحوّلت عناصرها الغنائية بتفاعلها مع العناصر الدرامية إلى قصيدة مختلفة، ذلك أن العمل الغنائي لا يخلو في عرف النقاد من العناصر الدرامية أو الملحمية، كما لا تخلو الدراما الناجحة من العناصر الغنائية والملحمية(5)، والحقيقة أن النصوص الأدبية بدأت بالتداخل منذ الرومانسية التي ارتكزت على الإيقاعات الغنائية الصافية، وانتشرت في القصائد والمسرحيات والروايات والاعترافات، ثم تطور ذلك في قصائد لوتريامون وأبولينير والسرياليين، ولكنَّ الرواية غزت الأجناس والعلوم والمعارف فانتقلت من الكتابة النوعية إلى الكتابة اللانوعية، وصار المبدع لا يتقيّد في أثناء الكتابة بالحدود، وإنما يترك نفسه على سجيتها لإنتاج أدب جديد.
أما الملاحظة الأخيرة فهي ما يُسمَّى بالعنصر المهيمن، وهي مقولة هامة في هذا المجال، بل هي تعيد للتصنيف شيئاً من مشروعيته، وذلك لأن اللاقصيدة هي في نهاية الأمر قصيدة متطورة، واللامسرحية مسرحية جديدة، واللارواية رواية، وذلك حسب مقولة العنصر المهيمن المتحولة من العنصر الطاغي في الشكل العضوي ووحدة القصيدة من وجهة نظرنا، فلابدّ من أن يبقى في اللارواية نسبة كبيرة منها ومن عناصرها يقرّبها إلى هذا الجنس دون سواه، وإن تداخلت فيه عناصر من هنا ومن هناك، ولذلك كان لابدّ في أيِّ دراسة من العودة إلى هذه التصنيفات والتقسيمات، ثمَّ إنَّ أنواع الرواية تختلف بين بيئة وأخرى وزمن وآخر حسب ما هو موجود على أرض الواقع من روايات، ففانست في "نظرية الأنواع الأدبية" (1908) يذكر أهم أنواعها، وهي: 1 ـ رواية المغامرات. 2 ـ الرواية العاطفية. 3 ـ الرواية المتصلة بالتحليل النفسي أو بالتحليل الخلقي. 4 ـ الرواية ذات الهدف والرسالة. 5 ـ الرواية الخاصة بالعادات والأخلاق. 6 ـ الرواية الوصفية. 7 ـ الرواية التاريخية(6)، ومع ذلك فإن هذا التصنيف يعود إلى الرواية الأوروبية في العصر الذي أنجز فيه فانست كتابه هذا.
وإذا كان ما يشكّل النوع الأدبي هو مجموعة من القواسم المشتركة في الموضوعات والأساليب والعلائق النصية، فإن التصنيف الأكبر يكون بين نوعين كبيرين: شعر ونثر، أو أدب ولا أدب، وهذا ما تجلّى في مقولة "الأدبية"، وإذا كانت الرواية هي الجنس المقصود بالتصنيف، وهي النوع الأكبر فإنها تتفرّع إلى أنواع صغرى لا تحصى، كالرواية التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية أو البوليسية، ويكون التصنيف أحياناً تبعاً لموضوعاتها، كالرواية الوجدانية والوطنية والقومية...الخ، أو تبعاً للمذاهب الأدبية، كالرواية الرومانسية أو الواقعية أو الوجودية، وقد تتفرَّع هذه الفروع الصغرى إلى فروع أصغر، فالرواية التاريخية ـ مثلاً ـ تتفرّع إلى رواية التاريخ والرواية التاريخية الفنية، ورواية استلهام التاريخ، والرواية الاجتماعية تتفرع حسب موضوعاتها إلى الرواية الوجدانية أو الرواية التي تعالج مشكلة اجتماعية أخرى، كالفقر أو العدالة أو ما شابه ذلك، وقد قسَّم طه وادي أنواع الروية إلى ما يلي:
1 ـ رواية تاريخية. 2 ـ رواية اجتماعية. 3 ـ رواية بوليسية. 4 ـ رواية الخيال العلمي. 5 ـرواية عاطفية. 6 ـ رواية سياسية. 7 ـ رواية ملحمية. 8 ـ رواية درامية. 9 ـ رواية السيرة الذاتية. 10 ـ رواية تحليلية نفسية. 11 ـ رواية تيار الشعور. 12 ـ رواية الأجيال. 13 ـ رواية تسجيلية. 14 ـ رواية أسطورية أو فلكلورية. 15 ـ رواية الحدث. 16 ـ رواية الشخصية. 17 ـ الرواية الفلسفية أو الرمزية. 18 ـ رواية الأصوات المتعددة. 19 ـ مسرواية. 20 ـ الرواية الجديدة. 21 ـ رواية اللارواية (أو رواية الشكل المفتوح)(7)، وإذا كان هذا التصنيف تجميعيّاً عشوائياً يستند إلى معايير مختلفة، كالمعيار الاجتماعي والمعيار الفني والأجناسي والمدرسي، وهو ينطلق في الوقت ذاته من أنواع الرواية في الغرب، فإنّ حديثنا هنا عن أنواع الرواية سيقتصر على أنواعها المنتشرة في الرواية السورية، ولا بأس من أن نستأنس أولاً بهذه الأنواع التي جاءت في بعض المعاجم الاصطلاحية، وأهمّها: 1 ـ الرواية التاريخية. 2 ـ الرواية الاجتماعية. 3 ـ الرواية السياسية. 4 ـ الرواية السيكولوجية. 5 ـ الرواية الاجتماعية. 6 ـ الرواية الخيالية العجائبية. 7 ـ رواية الحدث. 8 ـ رواية المكان. 9 ـ الرواية الدرامية...الخ(8).
ومع ذلك فإنّ بعض هذه الأنواع يهيمن في مكان ويندر في مكان آخر، ولذلك كان الحديث عن الأنواع المنتشرة في الرواية السورية هو المقصود هاهنا، ومنها:
1 ـ الرواية التاريخية: مصطلح روائي فضفاض يتضمّن التاريخ بشكل عام، كأن يتضمن في الرواية التاريخ السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي، وتاريخ المنظمات والانقلابات وسوى ذلك، كما يتضمن تاريخ الشخصيات الشهيرة، ولذلك ليست الرواية التاريخية واحدة في مسارها واتجاهاتها الفنية وموضوعاتها وإن كانت سرداً تخييلياً يرتكز على وقائع تاريخية، وبين الروايات التاريخية بون شاسع، فنحن نُطلق هذا المصطلح على روايات جرجي زيدان ومحمد سعيد العريان ومعروف الأرناؤوط، كما نطلقه على بعض روايات حنا مينة ونجيب محفوظ وجمال الدين الغيطاني، مع أن ما سعى إليه زيدان تنويري في حين أن الغيطاني سعى إلى الفني، وهذا أمر طبيعي في تطور هذا النوع من الروايات، فبيْن الغيطاني وزيدان عشرات السنين قطعت فيها الرواية شوطاً كبيراً في تقاناتها وتحولاتها الفنية وموضوعاتها التاريخية، والرواية التاريخية موضوعات، ففي "عبث الأقدار" و"كفاح طيبة" لنجيب محفوظ برزت الرواية التاريخية الفرعونية، في حين برز التاريخ المصري الحديث في الثلاثية من خلال أسرة أحمد عبد الجواد، ومع ذلك فإننا إذا وقفنا عند إجابة محفوظ عن سؤال عن العلاقة بين الرواية والتاريخ في قوله: "في رأيي أنَّ العلاقة وطيدة، فالرواية عبارة عن استعراض للحياة اليومية بكلّ مشاكلها وقضاياها وأشخاصها... هذا جزء من التاريخ لم يكتبه المؤرخون. ثمَّ إنّ التاريخ عبارة عن أحداث وأشخاص وتفسير ورؤية، والرواية كذلك"(9)، أدركنا أنَّ عبارة محفوظ "الرواية جزء من التاريخ لم يكتبه المؤرخون" تُخرج كثيراً من الروايات التي نُطلق عليها مصطلح الرواية التاريخية من جنس الرواية، ومن ذلك مثلاً أعمال معروف الأرناؤوط وجرجي زيدان ومحمد سعيد العريان وأضرابهم الذي اهتموا بالتاريخ أكثر مما اهتموا بالفنّ الروائي والتخييل، فكان التاريخ هدفهم، كما تُخرج بعض روايات نجيب الكيلاني الذي شُغل فيها بالتاريخ والخطاب الديني عن الفن، فوقع في مطبَّات فنيّة كثيرة
(10).
ترصد كثيراً من الروايات السورية مرحلة الاستعمار الفرنسي في مكان ما من البلاد، ففي رواية "المصابيح الزرق" 1954 أولى روايات حنا مينة صور من النضال في مدينة اللاذقية ضدّ هؤلاء المحتلين، ففي أحد الأيام الجماهيرية الغاضبة على السلطة الفرنسية تمت المواجهة في الشوارع المحيطة بجامع القلعة، ثم اشتدت، فامتدت إلى مقهى الشاروخ، وخرج محمد الحلبي يتحدّى جنود المستعمر، فلما دخل إلى الجامع قال:
ـ هاتوا البيارق:
وارتفع بمثل اللمح علم كبير، ركز محمد ساريته في خاصرته، وانتشرت أعلام أخرى حوله، وبدأ النشيد:
"أنت سورية بلادي".
وقال قائل: المصفحات حاصرت الجامع. فصاح محمد الحلبي، افتحوا الأبواب الخلفية.
واستمرّ النشيد (...) وتحرّك محمد الحلبي، والجماهير خلفه، وسار الجميع من صحن الجامع إلى الشارع، ولحقت بهم نسوة كنَّ في المؤخرة، فصاح بهنّ الحلبي: اطلعوا قبلنا... اصمدوا فقط حتى تخرج البيارق. وخرجت النساء مؤزرات وسافرات، وتدافع وراءهن المتظاهرون ينشدون"(11).
ويرصد جميل سلوم شقير مرحلة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش في جبل العرب من خلال بطله عساف في روايته "التجذيف في الوحل"، وفيها صفحات لأحداث تاريخية معروفة كرحيل الثوار إلى بادية الأزرق ووادي السرحان في الأردن، وأحداث المسيفرة والمزرعة ووقعة تل الخروف وسواها(12)، وكذا شأن رواية "سورين" لمحمد رشيد الرويلي التي تُعيد إلى الأذهان تاريخ مدينة دير الزور في مقارعة الاستعمار التركي والإنكليزي والفرنسي بقيادة على بك، فلخّصت الرواية تلك المدينة وانتصار أهلها على الفرنسيين في معارك طاحنة جرت بين العرب والأرمن من جهة، والمستعمرين من جهة أخرى(13).
وإذا كانت الرواية تركز على الزمن، وهو ضابط الفعل، وبه يتمّ، وعلى نبضاته يسجّل الحدث وقائعه، فإنَّ ذلك يعني أنّ أيّ نوع من أنواع الرواية ينتمي إلى الرواية التاريخية، سواء أكانت الرواية سياسية أو اجتماعية أن ثقافية...الخ، فالتاريخ شامل حافظ، والزمن عنصر لا غنىً عنه لأيّ سرد، والسرد لغة، وإن كانت اللغة السردية مختلفة في الكتابة التاريخية الواقعية عن مثيلتها في الكتابة الروائية التخييلية، ولاشك في أنّ حركة السرد الروائي مختلفة من حيث التقديم والتأخير والتتابع والانقطاع والتسلسل والتباعد، وإذا كانت القوانين الزمنية الخارجية تحكم الكتابة التاريخية فإن القوانين الزمنية الداخلية (الفنية) هي التي تحكم الكتابة الروائية، فالحركة في الزمن الخارجي تجري على نسق معروف، فلا تباطؤ ولا سرعة، ولا حذف، ولا استرجاع، لكنَّ الأحداث في الرواية تتسارع حيناً، وتتباطأ حيناً وفق أهميتها وخدمتها لعالم الرواية، وينبغي أن نفرّق بين ثلاثة أنواع من الأزمنة في السرد الروائي، وهي:
أ ـ الزمن الذي تجري فيه أحداث الرواية، وهو زمن داخلي عضوي أساسي، ويُسمّى زمن المغامرة الروائية، وقد يكون في الزمن الماضي البعيد كـ"سفر التكوين" أو القريب، وقد يجري في الزمن الذي نعيش فيه (الحاضر)، وتدلّ عليه إشارات وقرائن أو يحدِّد بتاريخ معروف، كالثورة السورية الكبرى سنة 1925، كما في رواية "التجذيف في الوحل" لجميل سلوم شقير، أو انقلاب حسني الزعيم، كما في رواية "المنخورة" لعبد الإله الرحيل، وقد يكون زمن الأحداث طويلاً متسعاً في روايات الأجيال، كما هي الحالة في "الثلاثية" لنجيب محفوظ، و"العصاة" لصدقي إسماعيل، و"الطريق إلى الشمس" لعبد الكريم ناصيف، أو يكون ضيّقاً قصيراً ببضع لحظات يقتضيها إعلان الحكم بالإعدام، ولذلك فإنّ الكاتب مضطر إلى أن يستخدم طرقاً مختلفة: مختصرات، قفزات فجائية في الزمن، حذف، تسريع، أو يستخدم مؤشرات زمنية مباشرة، ليسهم في بثّ الشعور بالزمن الذي تجري فيه الأحداث، كقوله مثلاً: مرّ عام أو خريف أو شتاء، و"إنّ السرد حتى في أبسط أنواعه لا يكتفي باختيار عدد محدود جداً من عناصر المغامرة التي يرويها، بل يستخدم هيكلاً زمنياً معقداً نسبياً يجري التعبير عنه بوساطة الاستباق أو العودة إلى الوراء أو تراكب الأحداث، أو التداخل، وهكذا..."(14).
ولأساليب السرد صلة بإيقاع الرواية، فثمة أحداث روائية سريعة وأخرى بطيئة، فرواية تتضمن أحداثها مئة عام ولا تزيد صفحاتها على المئة، ورواية تجري أحداثها في عام واحد وتزيد صفحاتها على الألف، ففي الأولى يتم تسريع إيقاعية الحركة الروائية بالإشارات الزمنية والانتقال من عام إلى عام أو ما شابه ذلك، وبالحذف والاختصار للوصول إلى النهاية، ومن هذه الروايات "العصاة" لصدقي إسماعيل، و"الطريق إلى الشمس" لعبد الكريم ناصيف، و"الشراع والعاصفة" لحنا مينة وسواها، وتهيمن في الثانية مقاطع الوصف والمونولوغات الداخلية والتذكر والاستشراف، ومن هذه الروايات "حديقة الرمل" لغازي حسين العلي الذي يعيش بطله حالة كابوسية قاسية، فيقوم الصراع النفسي بين الراوي وبطل روايته، ويحاول كلّ منهما أن ينال من الآخر، ولكن ذلك الصراع الذي طغى على بنية الرواية لا يستمرّ غير أيام قليلة هي الزمن الذي تجري فيه أحداث الرواية.
ب ـ الزمن الذي كتب فيه الروائي الأحداث، وقد يكون هذا الزمن متطابقاً مع الزمن السابق إذا كان الروائي قد اختار حدثاً يجري في عصره، كما فعل محمد حسين هيكل في رواية "زينب"، فالأحداث تجري في زمن قريب من زمن الكتابة، وقد يختلف الزمنان، ولاسيما في الروايات التاريخية، فنجيب محفوظ مثلاً اختار بعض موضوعاته من العصور الفرعونية، واختار جوجري زيدان موضوعاته من التاريخ الإسلامي البعيد... وهذا يعني أنّ زمن الكتابة يحمل معه تقاناته وثقافته وملامحه، فالروايات التي كتبها زيدان في أوائل القرن العشرين تحمل في بذورها بصمات أوائل هذا القرن، على نقيض الروايات التاريخية التي يكتبها روائيون في نهايات القرن العشرين أو في مطلع القرن الحالي، ولا يستطيع أيَّ روائي أن يتخلّص من أساليب عصره وثقافته ومعطياته "ولحظة الكتابة مهمة من ناحية أنّ المؤلف يريد أن يقلّل من إبراز زمن المغامرة بالنسبة إلى عصره. إنّ راسين بوضعه شخصيات أسطورية وتاريخية على المسرح يعالج مشاكل زمنه قبل كلّ شيء. والتقنية الروائية ذاتها لا يمكن فصلها عن زمن الكتابة، لأنّ الكاتب حتى في حالة استعادته طرق وأساليب عصره أو رفضها، فإنّه يبقى خاضعاً لـه ا"(15).
جـ ـ زمن القراءة، وهو زمن هامّ لاتصاله بثقافة القارئ ومنهجه وأدواته ومصطلحاته ومعارفه وآفاقه، وهو زمن متجدّد بالضرورة لتجدّد العصر والثقافة، وقارئ الرواية في القرن التاسع عشر غير قارئ الرواية في القرن العشرين، وهكذا، ولذلك تتبدّل فحوى الرواية ومعناها، وقد تصبح شيئاً آخر بانفتاحها، ففي العمل الأدبي معنى يموت، ومعنى يولد مع زمن القراءة الجديد، و"إنّ الانفصال بين تجربة القراءة وتجربة الكتابة يزداد اتساعاً بتطور معنى الكلمات وبتغيّر طرق الحياة والفكر من عصر إلى آخر"(16).
2 ـ رواية الأحداث الاجتماعية: هي رواية الأحداث والتحولات الاجتماعية في سورية، وهي المهيمنة على نسيج الرواية بدءاً من العادات والتقاليد إلى قضايا المرأة المختلفة، وأهمها الحبّ والزواج والإنجاب، إلى قضايا الصراع الطبقي والفقر والجوع والتشرد وسوى ذلك، فقد حاول حبيب كحالة في روايته "قصة خاطئة" أن يعالج مشكلة اجتماعية تعود إلى العادات والتقاليد، فالأسرة تستقبل ولادة البنت بوجوم ظاهر، وكأنَّ لعنة حلّت عليها، فـ"البنت مصيبة على نفسها، وعلى أسرتها معاً. فهي إذا لم تتزوج حمل الأهل همّها، وكانت عبئاً عليهم، وإذا تزوجت حملوا همّها وهمَّ زوجها أيضاً، وهي إذا ظلَّت في البيت اعتبرت نفسها سجينة، وإذا خرجت منه تلقفتها ذئاب بشرية منتشرة في كلّ مكان، في حين أنّ الصبي إذا لم يعطف على أهله، فإنّه على الأقلّ يكفيهم خيره وشرّه، إنّه يحمل همّه بنفسه فلا يحمّله لأحد... يحبّ ويعشق فلا يلحق به أو بأسرته أي عار، والناس يغفرون للشاب ما لا يغفرونه للبنت"(17).
ويدور موضوع رواية "ثمّ أزهر الحزن" حول هذه القضية، وهي انتظار المولود الذكر، فقد ازدادت أحزان الأسرة بمجيء البنات، وكان الأب يحلم بمجيء علاء الدين، ويخاطب زوجته قائلاً لـه ا: "متى تنجبين لنا علاء يا كوثر!؟"(18).
ولكنَّ التحوّل الذي حدث في بنية الرواية الاجتماعية تجلّى حين دخلت المرأة الكتابة، ولاسيّما كوليت خوري وغادة السمّان، فبطلة رواية "أيام معه" تتمرّد على العادات والتقاليد وعلى مؤسسة الزواج وقوانينها، وهي تتمرد على مصير المرأة في هذا الشرق، وتثور على وضعها البائس، فتقول على لسان (ريم غالي): "لا! أنا لم أوجد فقط، لأتعلّم الطهي، ثمَّ أتزوّج، فأنجب أطفالاً ثمَّ أموت! إذا كانت هذه هي القاعدة في بلدي فسأشذّ أنا عنها"(19)، وهي لا تتوقف عند هذا الحدّ، إنّما تحاول أن تخترق المألوف وتتحدى عالم الذكورة، فترافق زياداً الرجل الغريب في شوارع دمشق، وتتوقف أمام مقهى من مقاهي الرجال، وتحاول أن تدخل مع هذا الرجل الغريب إلى هذا المقهى(20)، ولا يسلم عالم الذكورة من حملة بطلة غادة السمان "ليلى" في روايتها "ليلة المليار" وإنّما هي تضع صنف الرجال في سلّة واحدة، الفقير والغني، والعالم والجاهل، والطليعي والسلفي، فهم شرقيون أنانيون، ولذلك هم متّفقون على أن جسد المرأة وليمة لشهواتهم، ولذلك هي تواجههم بسلاحهم: "ما أقسى عالم الرجال على اختلاف أفكارهم وأهوائهم ومشاربهم: إنّهم يتفقون على شيء واحد: الاحتقار الضمني للمرأة. البروليتاريا وجدت من يدافع عنها، أما المرأة فقد وجدت من يوظّف عذابها للدفاع عن ذكور البروليتاريا حتى إذا ما نجحت الثورة، قطفها الرجل وأعيدت المرأة إلى صناديقها، حتى تثوير المرأة خدعة. كلّ شيء خدعة، والحلّ البسيط هو في أن أعمل كرجل، وأحبّ كما يحبّ الرجال.. والرجل لا يحبّ المرأة إلا في أوقات فراغه، وخارج فترات بناء مستقبله، وأنا كذلك"(21).
3 ـ رواية الرحلة: هي رواية المشاهدات الواقعية، وتنتمي إلى كتب الرحلة في التراث العربي، كرحلة ابن بطوطة، كما تنتمي إلى جنس الرواية وفنيتها، ومن ذلك في العصر الحديث كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" لرفاعة رافع الطهطاوي، و"الواسطة في معرفة مالطة" و"كشف المخبّا عن فنون أوروبا" لأحمد فارس الشدياق، وكان فرنسيس المراش أوّل من سجَّل رحلته إلى باريس من السوريين في كتابه "رحلة إلى باريس" الصادر في بيروت سنة 1867م، ثم سارت رواية الرحلة في منعطف جديد حين اختار الروائي بطلاً لرحلته الروائية بعد أن كان الروائي هو بطل مشاهداته، وقد تحقّق ذلك في الرواية السورية أوّل مرة مع رواية "قدر يلهو" 1939 لشكيب الجابري، فاختار علاء بطلاً ليلتقي ـ وهو طالب في ألمانيا ـ إيلزا الفتاة الأوروبية المتحررة التي تعيش حياة قاسية نتيجة لتفكك الأسرة، فتصبح نزيلة الحدائق العامة، ثمّ تعيش معه في منزله من دون عقد زواج، ثم يعود علاء إلى بلاده، فتصله رسالة من إيلزا تنبئه بأنها حامل منه، وأنها ستلد لـه طفلاً مسلماً، لتصبح بعد ما يزيد على عقد من السنوات راقصة تزور حلب، ويقع توفيق صديق علاء في حبّها، فلا يستطيع الزواج منها لتحكّم العادات والتقاليد(22)، وهذا ما يحدث لسامي بطل رواية "الظمأ والينبوع" الطالب الحلبي الذي يدرس الهندسة في ألمانيا، فيتعرّض لحرية المرأة المتزوجة التي تستقبل صديق زوجها في أثناء غيابه في منزله، ومع أن هيلغا قد رحبت بسامي ترحيباً حاراً فإنه ظلّ يفكر تفكيراً شرقياً، ولذلك انتابته الهواجس والشكوك والتداعيات ليقول في ذات نفسه: "وفكّرت ما الحال إذا دخل زوجها ليجدني أجالس زوجته على مائدة الطعام، محتسياً وإياها أقداح الشراب؟ تلك كبيرة خليق بها تحت سماء الشرق، أن تثير الشكوك وتعكّر أصفى حياة"(23).
رواية الرحلة هي رواية الموقف من الآخر القوي، ولذلك كانت أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين هي المركز الذي يتجه إليه صاحب الرحلة أو بطله، وقد وصف الطهطاوي باريس ومعالمها وعلومها وحضارتها في "تلخيص باريز" ودعا إلى الاستفادة منها، ولكنّه حذّر من بعض العادات والتقاليد التي تتناقض مع مبادئ الشرقي أو معتقداته، وهذا ما فعله الشدياق في كتابيه وفرنسيس مراش في "رحلة إلى باريس"، وإذا كانت المواقف من الحضارة الأوروبية قد اختلفت بين هذا المفكر أو ذاك فإنَّ الروائيين قد شاركوا أيضاً في ذلك، فشكيب الجابري يكلف إيلزا لتقوم عنه خطيباً وواعظاً لترشد علاء إلى ما يجب على العرب أن يأخذوه من الغرب، فتقول: "لِمَ تأخذون عنا الرقص، ولا تأخذون الوطنية الحقة، لم تأخذون عنّا هذه البنايات التجارية المشوهة، ولا تأخذون عنا الجامعات، تنيرون بها أذهان ناشئتكم، وترسلون منها على العالم شعاع مدنية قومية تخلقونها من تراث ماضيكم المجيد، وحاضركم الناشئ، لعلكم تسدون إلى العالم خيراً خالصاً، لا كذلك الخليط من الخير والشر الذي يقدمه الغرب باسم المدينة الحديثة"(24).
4 ـ رواية السيرة الذاتية: هي الرواية المهيمنة على الجنس الروائي في سورية، فالروائي يتحدّث غالباً عن تجربة واقعية حدثت معه، ولذلك هي تتلاقى مع القصيدة الغنائية الذاتية في غير منحى واتجاه، وتتداخل مع رواية الأحداث الاجتماعية تداخلاً كبيراً حين يتقنَّع الروائي أو الروائية بقناع شخصية، لتُبعد عنها شيئاً من مغبة السؤال، فريم غالي في "أيام معه" ربّما لخصت للقراء تجربة كوليت خوري، وتلاقت معها في غير صفة، فهما ذاتا منبت اجتماعي واحد، وكذا شأن بعض بطلات غادة السمان وهيفاء بيطار وسواهنَّ من الروائيات السوريات، ولذلك كانت رواية السيرة الذاتية مباشرة ولا مباشرة، ففي الأولى يتحدّث الروائي عن تجربته بوساطة ضمير مفرد المتكلّم، فيكون الراوي قناعاً شفَّافاً جداً، كما هي الحال في القصيدة الغنائية المباشرة، ومن ذلك ـ مثلاً ـ "الاعترافات" لجان ـ جاك روسو، و"الأيَّام" لطه حسين، و"حياتي" لأحمد أمين، و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم، و"سبعون" لميخائيل نعيمة، وفي الثانية يتحدّث الروائي عن تجربته بوساطة شخصية يتخذها للتعبير عن هذه التجربة وعن مواقفه من الحياة بأشكالها السياسية والحضارية والاجتماعية، ويندرج تحت هذا النوع كثير من روايات الأحداث الاجتماعية كما ذكرنا من قبل، كما يندرج تحته بعض روايات الرحلة أيضاً.
ومع ذلك فإنّ المجتمع العربي في سورية ما زال ضاغطاً بقوانينه أو بعاداته وتقاليده على الروائي، فلا يستطيع الروائي أن يخرج على سلطة هذا المجتمع إلاَّ بخروقات طفيفة، فثمة رقابة اجتماعية وسياسية وأخلاقية ودينية تواجه هذا الروائي وتحاول قمعه، ولذلك هي رواية مسبوكة بشكل جيّد، وهي غير واقعية كما يقتضي الأمر في هذا النوع الروائي، وهي مسيّرة حسب توجيهات القارئ الضمني وسلطته، ومغربلة كما تريدها السلطات المختلفة، ولذلك يغيب الوجه الحقيقي للبطل والشخوص، أو هو يظهر بعد زخرفات " Retouches" وإصلاحات لتتناسب وتوجيهات الرقيب والممنوعات المختلفة، ولذلك لا يظهر الوجه السلبي للبطل، هذا ما يبحث عنه القارئ الذي يتشوّق لمعرفة الخبايا، ولذلك أقبل هذا القارئ على رواية "الخبز الحافي" لمحمد شكري التي أمّنت لمؤلفها شهرة واسعة.
5 ـ رواية الأفكار: هي الرواية التي تقوم على أطروحة سياسية محدّدة، كرواية "دعوة الحقّ" 1865 لفرنسيس فتح الله المرّاش التي تطرح أهمَّ فكرة في المرحلة التنويرية، وهي الدعوة إلى خلافة إسلامية يكون الخليفة فيها عربيَّاً، وقد تأثر فيها المراش بمبادئ الثورة الفرنسية، فثار ضدّ العبودية والاستبداد، ودعا إلى ثورة العقل والحضارة، وهي مؤلفة من ثمانية فصول تنتهي في الفصل الأخير "اليقظة" بالتبشير بعالم جديد يطلّ على الشهباء وسورية.
والرواية في سورية هي رواية الأفكار الثورية والسياسية بدءاً من روايات حنا مينة المتتالية إلى سواه من الروائيين السوريين، حتّى إنّ صفحات الرواية تحوّلت في أحيان كثيرة إلى دعوات للنضال الوطني والسياسي والاجتماعي، ونالت قضية الحرية السياسية نصيباً كبيراً من هذه الصفحات، ومن ذلك مثلاً روايات خيري الذهبي وعبد الإله الرحيل وباسم بعدو وسواهم.
وثمة أنواع أخرى من الروايات، ولكنَّها ذات حظّ قليل من اهتمام الروائيين، السوريين، كالرواية البوليسية مثلاً أو الرواية العجائبية والغرائبية التي تتناول أحداثاً أو صفات خيالية لا يقبلها العقل، على نقيض رواية الحدث التي هيمنت على الجنس الروائي في سورية أو رواية المكان، وتظلّ رواية الشخصية (تيار الوعي) أقلّ حضوراً من سواها، ومنها رواية "حديقة الرمل" التي يعالج فيها الراوي صلته بشخصياته، ولاسيّما البطل الذي اختاره لروايته، فكانت صفحات الرواية مسرحاً للصراع الداخلي بين الراوي جهاد نصّار الصحفي والمؤلف وبطل روايته جواد عبد الرحيم الشخصية المتخيّلة التي تلاحق الراوي العليم المستبدّ لتنال منه، فلم تترك لـه مجالاً لالتقاط أنفاسه، فيُصاب بالهلع والمرض الجسدي والنفسي، وهذا ما أوقع سلطته بالخلل، وقد اعترف بذلك لطبيبه النفسي عماد سيف الدين حين سأله عن علاقاته بشخوص قصصه ومهنته:
ـ (ليست جيدة دائماً والأمر يتعلّق بالطرف الآخر ومدى استعداده للطاعة التي تتطلّبها طبيعة عملي).
ـ (هذا أمر جيّد).
ـ (وأنا أعتقد ذلك ولكن ليس ثمة حلّ.. أنا أصوّر الواقع من خلال نوازع الحال التي أنا فيها وبالشكل الذي تفرضه عليّ هذه الحال).
ـ (هذه خيانة لرسالتك).
ـ (الخيانة مسألة نسبية أيضاً).
ـ (كيف)؟
ـ (الخائن من يبيع الوطن أو يعمل على تحطيمه.. ثم أنّني أخون الحال وليس أصحابها.. بمعنى أنّني أجرُّ الحال إلى خندقي لأخلق منها صورة من صوري)..
ـ (انتهت الجلسة) (25).
وثمة تصنيف فنيّ آخر للرواية، وهو رواية الصوت المنفرد ورواية الأصوات المتعددة، ففي الأولى يبرز الراوي المفرد العليم، فهو مصدر المعلومات ومنتج للسرد في الوقت ذاته، وهو يقدّم شخصية منجزة تامة الملامح منذ الفصول الأولى، وغالباً ما تكون أهداف هذه الشخصية متطابقة مع أهداف الكاتب، وأيّ حديث عن استقلال العمل الفنيّ في هذا النوع من الروايات هو ضرب من المبالغة والادعاء، فهي روايات تقليدية تقدّم الحدث على سواه، وغالباً ما تكون الشخصيات فيه باهتة،وهي وسيلة لا غاية، ونجاح أي رواية من هذه الروايات يعود إلى العزف على وتر المسكوت عنه، سواء أكان هذا المسكوت عنه سياسياً أم دينيّاً أم جنسيّاً، مما يُرضي القارئ العادي المكبوت الذي يبحث عن التسلية أو التنفيس، ولكنَّ ذلك لا يكتفي به قارئ يبحث عن المتعة الفنية.
إن الرواية العربية في سورية باستثناءات قليلة ما تزال تعمل على الموضوع أكثر مما تعمل على النسيج الفني، فالرواية تشبه قصيدة غنائية لا نسمع فيها سوى صوت الشاعر، ولذلك نحكم على الطرف الآخر من خلال هذا الصوت، وهي مجموعة إحساسات أو اعترافات صادرة من جهة واحدة، فنحن نقرأ في هذه الرواية صوت الإنسان الملاحق، فنتعاطف معه، وهو يقدّم صورة عن السلطة التي تلاحقه، ويذهب الراوي في الوصف الطولاني المتلاحق للأحداث، فتمتدّ الرواية أفقيّاً من دون أن تتسلّل إلى الأعماق، وتنتهي صفحات الرواية من دون صراعات حقيقية أو صراعات في نسيج العمل الفني، ومن ذلك مثلاً كثير من الروايات التي تكتبها الأنثى، فهي ذات صوت مفرد وحيد يمثّل غضبة ملحمية عارمة على عالم الذكورة، وهي روايات موضوع قبل أيّ شيء آخر، وهي سرد متتابع لأحداث يومية متتالية، ولذلك تلتقي هذه الأعمال بالمذكرات اليومية التي هي أشبه بسيرة ذاتية، ولذلك سنتوقف عند رواية واحدة للتمثيل في هذا المجال.
تدعي الأديبة هيفاء بيطار في روايتها "امرأة من طابقين" في الصفحة الخامسة بأن شخصيات هذه الرواية من الخيال، ولكنَّ الرواية تتقاطع بين السيرة الذاتية وكتابة المذكرات لسيدة تدعى نازك، وهي الشخصية المحورية التي تدور الأحداث حولها وداخلها، وتكشف هذه السيدة من خلال السرد عن ذلك كلّه، فنازك تسلّم كاتب البلاد الشهير فصلاً من روايتها ليقرأه ويُبدي رأيه في كتابتها، وخصوصاً أنّها كاتبة مبتدئة، وهي تعترف بأن هذا الفصل منتزع من حياتها: "كان أحد أحبّ الفصول إلى قلبي برفقته، تُرى كيف سيقرؤه، وهل سيعرف أنني أتحدّث عن نفسي متهرّبة من صيغة الأنا"(26)، وهذا ما يتوضّح بصراحة في حوار يدور بين نازك والناشر الكبير حول مخطوط روايتها:
قلتُ لـه : أنا متلهّفة لأسمع رأيك، هل أعجبتك الرواية!؟
ـ طبعاً، أتعرفين بعد أن انتهيت من قراءتها، فكرت أنك تبدين ككاتبة متمرّسة وصاحبة خبرة، جرأتك رائعة، فيها تحدّ وإيمان عميق بواجب قول الحقيقة، كأنّه غاية بحدّ ذاته، كأنك تملكين ضعفاً تجاه الحقيقة، وميلاً للاعتراف كي تتخلّصي من عبء الحوادث التي مرّت معك.
ـ أجل الكتابة تقرّبني من كلّ الحوادث التي مرّت معي، وتخلّصني من وجعها في آن.
ـ لكنّ روايتك أشبه بسيرة ذاتية، ولازلت في عمر مبكّر على كتابة السيرة الذاتية.
ـ إنها تجربتي مع الحياة حتى هذه اللحظة(27).
ـ تتركّز أحداث هذه الرواية حول امرأة مطلّقة بكامل أنوثتها في العقد الرابع من عمرها (نازك) تبحث في عالمنا الموبوء عن مكان للطهارة والحرية والحبّ والصدق في العلاقات الجنسية والإنسانية، فتُصاب بنكسات متتالية، فتنصرف إلى الكتابة، لتكتشف أنَّ عالم المثقفين صورة مكثّفة عن القذارة والمصالح الشخصية، فعليها ـ إذا رغبت في الشهرة ـ أن تقايض بجسدها، فالشهرة يصنعها الكتَّاب القدامى والناشرون الكبار، فتقع في صراع عنيف بين القيم والتحلّل منها في عالم ذكوري لا يُقيم وزناً للأنثى والحريّات، وترفض أن تكون سلعة معلّبة، لتخرج في نهاية الرواية متلائمة بين عالمي المرأة: الطابق العلوي الذي يمثّل الفكر والمبادئ والتحرر والصدق، والعالم السفلي الذي يشتمل على الرغبات والشهوات الجنسية، ولذلك تشنّ حملتها على عالم الذكورة من خلال هذين العالمين، وتستخدم في ذلك جمالها للانتقام من الذكورة الزائفة، فهي أولاً تؤمن بأنّ كتاباتها أهمّ من كتابات كاتب البلاد الشهير، وهي التي ثارت على زوج خائن يخونها مع امرأة فرنسية، فترفض أن تخضع لمصيرها بالصبر الشرقي الأنثوي، لأن الصبر من صفات الحمير(28)، فتُشهر حربها على المؤسسات الشرقية بعد أن أخفقت في أول حبّ استلب فؤادها مع طالب الفلسفة الذي اختار طريق السيد المسيح واللاهوت غير مكترث برسائلها وتوسّلاتها، فقدمت جسدها لشقيق زميلتها، وهو أصغر منها، ودعته لخرق عفتها الزائفة للانتقام من طالب الفلسفة اللاهوتي الذي يتعبد في أحد أديرة اليونان(29)، ثمَّ هي أخفقت مرّة أخرى بالزواج من صفوان المختلف دينيّاً، لأن المجتمع يمانع أمثال هذا الزواج، ولذلك كان زواجها من ماهر تقليديّاً، وهو زواج رتّبه الأهل للطرفين معاً، فزواج ماهر منها كزواجها منه كان تحت ضغط الأهل الذين مانعوا أن يتزوج ابنهم الطبيب المقيم في فرنسا من امرأة فرنسية "إيزابيل"، فلما ضبطته معها على سريرهما وضعها الزوج أمام الحقيقة: هو على علاقة مع إيزابيل، وهو يعرف في الوقت نفسه بعلاقتها مع صفوان، وهما متساويان في الخيانة، ولذلك انفجرت في وجهه تصفه بالكلب الخائن المنحط الحقير العاهر وتصف عشيقته بالقحبة(30)، ولذلك خرجت من هذه التجربة القاسية بانهيار عصبي حاد، وحصلت على الطلاق بعد سبع سنوات من الهجر، لتبدأ رحلتها مع الكتابة والكتّاب، وتحاول أن تنتقم منهم جسدياً، وتعترف بأنَّها كانت تحاول إغواءهم للإيقاع بهم، فتنصب فخاخها لكاتب البلاد الشهير العجوز(31).
تمارس الكاتبة في هذه السردية فنَّ الحكي أكثر مما تمارس فنَّ الرواية، ففي الرواية خبرة بالعالم الباطني، وصياغة الحكاية صياغة فنية، وليس في هذا العمل سوى اعترافات لامرأة تدعى نازك.. لكنَّ التشويق الفني لا حضور لـه ، ولو حذفنا المشاهد الجنسية الكثيرة في هذا العمل لما وجد القارئ العادي متعة في قراءته، وتمثّل هذه الرواية أخيراً رواية الصوت المفرد.
أما رواية الأصوات المتعددة فهي الرواية الدرامية، وهي شبيهة بالقصيدة الطويلة الدرامية، وإذا كانت الرواية ذات الصوت المفرد قد نشأت في ظلّ السلطة الواحدة من خلال صوت الراوي الخبير الذي يهيمن بصوته على عالم الرواية فإن رواية الأصوات المتعدّدة هي رواية المعرفة المتعددة التي تطرح الرأي والرأي الآخر، وتوزّع الأدوار والأصوات ضمن حوارية سردية مختلفة بإحلال لغات الشخوص محلّ لغة الراوي العليم الواحدة، ولذلك هي تتصف بانتفاء البطولة الفردية، وتفسح المجال للبطولة الجماعية بانفتاحها على لغات مختلفة ومشاهد متعددة وثقافات متباينة، فالشخصيات هي التي تتكلّم، وتنتقد الروائي الكاتب والراوي المتكلّم، وهي شخصيات متحرّرة من سلطتيهما، وليست أدوات تنفيذية مسخّرة للخدمة المجانية، وهكذا تتوزّع الأدوار بين الشخصيات، وتنتقل بنية الرواية من البنية البسيطة التقليدية إلى البنية المركبة التي تتداخل فيها الشخصيات والصراعات والأيديولوجيات، وهذا ما يتلمّسه القارئ في رواية "ميرامار" 1967 لنجيب محفوظ التي تعدّ نموذجاً لتعدّد الرواة وتعدّد وجهات النظر، ففيها أربع شخصيات تتسلّم دفة الرواية، وهي شخصية عامر وجدي الذي بدأت الرواية وانتهت معه في الفصلين الأول والخامس، وشخصية حسني علام الشاب المستهتر الذي يقوم برواية الفصل الثاني، وشخصية منصور باهي الذي يقوم برواية الفصل الثالث، ثمَّ شخصية سرحان البحيري الذي يقوم برواية الفصل الرابع، وهي شخصيات مختلفة سياسياً وأيديولوجياً وطبقيّاً وثقافة، ولكلّ منها وجهة نظر وعلاقات وماضٍ مختلف.. الخ (32).
في تاريخ الرواية السورية صفحات قليلة من رواية الأصوات المتعددة، كرواية "حسيبة" لخيري الذهبي، وفيها أصوات خليل وكفى ورغيد وزينب ومريم، ورواية "ليلة المليار" لغادة السمان، وفيها أصوات دنيا ونديم وأمير، ورواية "وجهان لعنقاء واحدة" لعبد الكريم ناصيف، وفيها أصوات ديمة وهمام وناجية أمّ ديمة.
وبعد، فإن تصنيف الروايات اجتماعية ـ تاريخية ـ تراسلية ـ عجائبية ـ واقعية ـ رومانسية تصنيف درسي يراد منه تسهيل عمليات القراءة، ولكنَّ في الرواية التاريخية شيئاً غير قليل من الأحداث الاجتماعية، كما أنّ في الرواية الاجتماعية شيئاً غير قليل من التاريخ، وهكذا، وليس هناك رواية رومانسية أو واقعية خالصة، ولذلك هناك نصّ روائي يجذب القرّاء، وآخر ينفّرهم منه.
الهوامش:
(1) ـ انظر: أرسطو طاليس: فنّ الشعر، تر. عبد الرحمن بدوي، دار الثقافة، بيروت، د.ت ص ص 7 ـ 9.
(2) ـ فاليط: برنار: النّص الروائي ـ مناهج وتقنيات، تر. رشيد بنحدّو، سليكي إخوان، ط1، 1999، ص 29.
(3) ـ كروتشه، بندتو: المجمل في فلسفة الفن، تر. سامي الدروبي، دار الفكر العربي، القاهرة ط 1، 1947، ص 47 ـ 48.
(4) ـ انظر: بارت، رولان: درس السيميولوجيا، تر. عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال، 1989، ص 48.
(5) ـ انظر: الموسى، د. خليل: بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003، ص 142، وأماكن أخرى كثيرة.
(6) ـ انظر: فانست، لابي. سي: نظرية الأنواع الأدبية، تر. د. حسن عون، منشأة المعارف بالإسكندرية، ط 2، 1982، ص 430.
(7) ـ وادي، طه: الرواية السياسية، دار النشر للجامعات المصرية، ط 1، 1996، ص 57.
(8) ـ انظر: مادة "الرواية" في المعاجم التالية:
أ ـ المعجم الأدبي، د. جبور عبد النور، دار العلم للملايين، بيروت، 1979.
ب ـ معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة وكامل المهندس، مكتبة لبنان، بيروت 1979.
جـ ـ من مصطلحات معجم النقد الأدبي، د. خليل الموسى ود. إبراهيم كايد محمود، دمشق، 2000م.
(9) ـ نقلاً عن: دراج، د. فيصل: الرواية وتأويل التاريخ، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط 1، 2004، ص 132.
(10) ـ انظر: الموسى، د. خليل: آفاق الرواية، مطبعة اليازجي، دمشق، ط1، 2002، ص 111.
(11) ـ مينة، حنا: المصابيح الزرق، دار الفكر الجديد، بيروت، 1954م، ص 137 ـ 138.
(12) ـ ينظر: شقير، جميل سلوم: التجذيف في الوحل، دار علاء الدين، دمشق ط 1، 2004، ص 71 ـ 77 و189 ـ 193.
(13) ـ ينظر: الرويلي، محمد رشيد: سورين، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2005، ص 104 ـ 105 و114 ـ 116.... الخ.
(14) ـ بورنوف، رولان وأونيليه، ريال: عالم الرواية، تر. نهاد التكرلي: دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991، ص 121.
(15) ـ المرجع السابق، ص 126.
(16) ـ المرجع السابق، ص 130.
(17) ـ كحالة، حبيب: قصة خاطئة، المطبعة العمومية، دمشق 1959، ص ص 12 ـ 13.
(18) ـ السباعي، فاضل: ثمَّ أزهر الحزن، إشبيلية للدراسات والنشر، دمشق، ط 2، 1990، ص 12.
(19) ـ خوري، كوليت، أيَّام معه، المكتب التجاري للطباعة والنشر، بيروت، ط 4، 1967، ص 22.
(20) ـ المصدر نفسه، ص ص 132 ـ 133.
(21) ـ السمان، غادة: ليلة المليار، منشورات غادة السمان، بيروت، ط 2، 1991، ص ص 341 ـ 342.
(22) ـ الجابري، شكيب: قدر يلهو، المطبعة الهاشمية بدمشق، ط 2، 1939، ص ص 204 ـ 205.
(23) ـ السباعي، فاضل: الظمأ والينبوع، دار الآداب، بيروت، ط2، 1964، ص 55.
(24) ـ قدر يلهو، ص 149.
(25) ـ العلي، غازي حسين: حديقة الرمل، دار الطليعة الجديدة، دمشق، ط1، 2005، ص 97.
(26) ـ بيطار، هيفاء: امرأة من طابقين، مكتبة بالميرا، اللاذقية، ط2، د. ت، ص 69.
(27) ـ المصدر نفسه، ص 160.
(28) ـ المصدر نفسه، ص 111.
(29) ـ المصدر نفسه، ص 35 ـ 36.
(30) ـ المصدر نفسه، ص 98 و131.
(31) ـ المصدر نفسه، ص 20 ـ 21 و45 ـ 58.
(32) ـ للتوسع ينظر دراستنا لـه ذه الرواية: آفاق الرواية، ص ص 113 ـ 130.
السبت مارس 26, 2011 10:15 pm من طرف للنشر