الـمـصـباح .. مـجلـة نـوافـــــــــــــذ ثـقـافـيـة
للنشر .. شبكة المصباح الثقافية مجلة المصباح .. نوافذ ثقافية شارك معنا ..نرحب بكم ونتمنى لكم الفائدة وباب المشاركة مفتوح سجل معنا واكتب موضوعك ومشاركتك اهلا بكم
الـمـصـباح .. مـجلـة نـوافـــــــــــــذ ثـقـافـيـة
للنشر .. شبكة المصباح الثقافية مجلة المصباح .. نوافذ ثقافية شارك معنا ..نرحب بكم ونتمنى لكم الفائدة وباب المشاركة مفتوح سجل معنا واكتب موضوعك ومشاركتك اهلا بكم
الـمـصـباح .. مـجلـة نـوافـــــــــــــذ ثـقـافـيـة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الـمـصـباح .. مـجلـة نـوافـــــــــــــذ ثـقـافـيـة أدبية منوعة
 
الرئيسيةدروب أدبيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للموقع، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات،  كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في الموقع، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
كما يكنك إضافة مقالك عبر /  إتصل بنا /

 

 النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
للنشر

للنشر


المقالات : 707

النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد Empty
25062010
مُساهمةالنص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد

بقلم : أحمد الخطيب

النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد 1277136512


دراسة انطباعية في محاولة لقراءة آليات التجديد في شعر الشاعر المبدع مجذوب العيد المشراوي: ديوان " شظايا " أنموذجاًالنص الشعري في ديوان " شظايا ":
قراءة في آليات التجديد: المنبع والصفات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تتكشّف عن القراءة للشعرية العربية من دلالة النصّ الداخلي، جملة من المحاور التي يمكن للمتلقي أن يعاين فيها سردّيات روح النص الشعري، وفضاءاته المتخيّلة، وأنماط وعيه، لما يتمحور في ظلاله من إمكات تنتج انزياحاً في البعد اللحظي الذي يقع وراء المنتج الشعري، فهو الكاشف المرئي لتلك الثغور التي تتداخل خلالها المفردات لتشكّل هاجساً لغوياً في مراحلها الأولى، وهو الكاشف التقني لتلك المدخلات التي تتوسّط العملية البنائية، والتي تقرر فيما بعد الوجهة القرائية للنصّ بشقيه الداخلي والخارجي، من هنا نحسبُ أنّ القراءة الشعرية تعتمد في أسسها البلاغية على منهجٍ يقرره المتلقي وفق ما يتماس معه من هواجس لغوية ترشده إلى تلك الظلال الخفيّة " المساحة الخفية " في القول الشعري، حتى تتم عملية التوازن بين ما هو داخل وما هو خارج.
في ديوان " شظايا " للشاعر المبدع مجذوب العيد المشراوي، ثمة ما يقودنا للتمسك بأوعية اللغة، فرزاً بينيّاً يطال كلّ فكرة قادمة يعالجها بالمنظور المرئي للواقع، وما يحدثه هذا المنظور من انزلاقات، فنحن إذ نظفر بكثير من اللذة ونحن نتمسك بالخفاء الدلالي الذي يتقنّع خلفه الكلام الشعري، إلا أننا نمارس أيضاً فعالية إنتاج مثل هذه اللذة التي يستملح الشاعر كؤوسها المتخيّلة:
أسالني الشوق ُ أعوامًا بشرْفتها
وما نـَمَت ْ يومَها في غمرة ِ المحن ِ
أسالني فـَطَـفـَا اللـَّوْن ُ الوحيد ُ وما
أعادني عَسْجَدًا يُرْضيكِ يا وطَنِي
أسالنِي.. كل ّ أنفاسي مدمّرة ٌ
وهذه مهجتي يَحْتَلّهَا شجَنِي
نحن أمام حالة من التمظهر الجواني الذي يستبد بالشاعر، حيث لا مجال أمامه إلا قراءة هذه المفرزات التفسية للحالة المتقدّمة في الرؤى، إذ أنه مستمسك بالمقايضة بين مفتاحين للعبور الشعري، مفتاح: يعتمد على تشكيل بنية تفاعلية غير منضبطة بمقدار ما يريده الفعل " أسال "، وما يريده التشكيل الإشاري للفعل " أعاد "، فالشاعر بينهما يبدو قلقاً من شرفي المحن والشجن، واللتين ربما تقدّمان مناخاً مختلفاً عن فضاء اللون الواحد، والمتمثل بظهور حالة إشعاعية تتمحور حول " العسجد"، وهذا ما يقرره نص آخر للشاعر بعنوان " رعاش"، والذي يستنجد الشاعر بمرآته، للتخفيف من عبىء النقطة الفاصلة بين حديّ الداخل والخارج:
في أي ّ ِ ريج ٍ يستعيد ُ هدوءَه ُ
هَذا الرّ ُعَاشُ وَرَا قطيع ِ شُجونِي ؟
أمْشي بلا وطن ٍ و أ ُشْرك ُ بعضه ُ
في شارع ٍ يمشِي بغير ِ عيون ِ
وكما يستبد هذا الحال بالشاعر، تغزو اللغة ترتبة هذا الاستبداد، مقدّمة حلاً منطقياً، ولكن هاجس الشاعر بالالتفات إلى ما هو أبعد من هذا الحل، يقدم صورة جانبية غير متوازنة مع البعد الثلاثي للرؤيا، فالحل كما تقدمه اللغة في صوتها الأثيري يكمن في:
علّمْتُه ُ أ نْ يَشْتَريني عاشقًا
ليُضيفَ عزَّتنَا إلى أجفانِه
ما زالَ يدفعُنِي إلى أَمَل ٍ به ِ
خَبَّأ ْت ُ أغصانًا ورَا أغصانِهِ
زمن ٌ لبَعْثِي كالرَّبيعِ مواسِمًا
أشْدو إذا سجعوا لمَسْكِ عِنَانِهِ
أما الهاجس والذي ينزوي في أكثر من نص شعري للشاعر، فإنه يقدم رؤية مختلفة يردّ حيثياتها إلى تمسك الشاعر بقوة الحضور النفسي للشعر، وإمكاناته التي يتوقعها في مواجهة مثل هذا الانكفاء:
حين َ الرّفاق ُ تُرَى أبدانـُهُمْ سُحُبًا
حين َ المَسَاء ُ يَلِي هَمْسِي ويَنْتَقِل ُ
حين البَراءات تُـبْقِي حُلمَهَا وَطَنًا
بلا شُروق ٍ وفي ألوانه الخبل ُ
حين السّراب ُ يثِير ُ الحُبَّ في كَبِدٍ
ولا َ يُضيف ُ إلى شَطْآنِه ِ الخَجَل ُ
حين َ الهَوَى يَحْتَسِي كأس َ المُِرَارِ ولا
يُبَرِّرُ الصَّمْت َأوْ يَخْلو بهِ الدّجَل ُ
هناك َ أنت َ عبير ُ الفجر تـَفـْـقـِدُنِي
ويشْتَريني كمَا سَرَّحْتُهُ الغـَزلُ
هناك َ يشطُبُنِي حِـمْل ُ القصيد ِ ولا
تعيدنِي شَيِّقًا في رَسْمِهَا الجُمل ُ
هناك َ تَحمِلُنِي الأحزان ُ مضطرِبًا
إلى بذاءات ِ منْ وَلـّـوا ومن ْ جهِلوا
من هنا نستطيع أن ندخل إلى حديقة الشاعر الغنية بالأشكال، فالصراع يبدو بين الشاعر والشعر ملاذاً للغة، هذا الملاذ الذي يتخاطر ضده كثير من المتلقين، الذين يبحثون عن سراب رؤيتهم، غير متمرسين في قراءة لحظة السراب التي تتحوّل إلى قوة ممغنطة يستظل تحت عرائشها كلّ من ذهب إلى هذه اللوحة أو تلك، محتسباً، أو قابضاً على نورانية الشاعر الذي يكسّر الأشياء، وينتدب شظاياها لتشكيل لوحاته الفسيفسائية، أو لتشكيل لوحة ذات ألوان متعددة ومتداخلة لا تراها وأنت لصيق بها، فهي وإنْ كشفت لك في المنزل الأول من الإطلالة عن تربتها السطحية، إلا أنها سرعان ما تموج وتضج وتستنفر خيلها، لتقع أنت في شراك التحدي:
أ ُعيدُكَ في سراب ٍ ما أراه ُ
تجمَّعَ أو تَحَمّله ُ الهفيف ُ
أو:
لأولد َ مرّتين ِ على ضفافي
سأترك ُ بذرَتِي عند الرّجال
إذن نستطيع تلمّس هذا البعد الذي يشكله الشاعر، ولادة أولى: تقدم حبلَها السّري للوقوف على جوانية الشاعر، وولادة ثانية: تبدأ من اللحظات الأولى التي يركبها الشاعر محاولاً التجديف إلى سقاية بذرة التكوين، أو بذرة الحال، والوقوف على المقام:
لأرْسُمَ ماردًا يمْشِي بعيني
ويَتْرُكَ طيْفَهُ عندَ القلوب ِ
لأرْسُم َ بدْلَة ً من ْ شَمْس ِ ليْلي
ومَا فَعَلت ْ بِحَبَّات ِ السُّهُوب ِ
لأرْسُم َ زهْرَة ً ذ َبُلـَت ْ قدِيمًا
ومَا ذ َبُلـَت ْ بحِمْل ٍ مِن ْ شُحُوبِي
نحن أمام نصوص شعرية تعي مسالكها، وامتداد حلقاتها الإيقاعية، وتجذير بؤرة التوتر الإيقاعي، وتحديث شهوة، أو دهشة الوقوف على عتبة النص القديم، فالشاعر يبدأ، أو بدأ، وهو من الأمور المسلّمة، من لحظة الوقوف على عتبة الإيقاع، وإمكانية الإتيان ببريق خلفي له، متماساً مع صورة خلفية أيضاً للمضمون:
مُّثَلتُه ُ لغة ً تسيرُ بجانِبي
تـَنْتَابُنِي- لو خفَّفَت ْ - وتـُجادل ُ
مثـَّلتُهُ حُزْنِي الذي أغْزُو بِهِ
ويَضُمُّنِي في وحْدَتِي ويُناضل ُ
هوَ في الوريد ِ يسيح ُ مثل َ قصيدتِي
ويتيه ُ في أحلامه ِ المتسائل ُ
فلـْتَحْتَرِق ْ لغتِي لتَمْلأ َ صدْرَه ُ
ولـْيَرْتَفِعْ من شِعْرِنَا المتمايل ُ
هُوَ من ْ هَوَى فلمَ البعيد ُ يسيىء ُ لي..؟
لم َ حُسْنُهُ في مُهْجَتِي متَمَاثِل ُ ؟
هو َ والنّخيل ُ وزفرة ٌ مكثَت ْ به ِ
خبَّأ ْتُهُم ْ فَتَدَمَّرَ المُتَحَامِل ُ
هكذا يكشف الشاعر عن غايته، وعن مرسومها الدقيق الذي يوشّحه بمثل هذا التمازج بين أن يقرأ لغته، أو أن ينتجها، والفرق واضح بين القراءة والإنتاج، فالأولى لا تقدّم إلا نفسها في سياق التراكمي من الشعر، والثانية تستوطن مهجة الحرف، وتنقل مراياه المتقلّبة، والشاعر في هذا السياق لا يراوغ، بل يندفع بقوة لمثل هذه المواجهة التي ربما تحدث بينه وبين المتلقي المفتون بالموروث الدلالي والإيقاعي، ولكنه رغم ما قد يصيبه من حنق وقلق على فراشات لغته، إلا أنه يستطر بتعبئة المقام بأحوال ربما لا تخطر على بال أحد:
أسير ُ به ِ فهل ِ أرْضَى دليلِي؟
وهل ْ بطَشَت ْ بحامِلِهِ الظّنون ُ ؟
يسارًا لا يَمُر ّ ُ هناك َ بَرْد ٌ
ولا يَمْضِي إلى بعضِي السّكون ُ
ملاْت ُ الكا ْسَ من صبْرين ِ ِ حولِي
ومن ْ ألم ٍ تُخَبِّئُهُ الجُفون ُ
ومن ْ نخْل ٍ تناثَرَ في هُيامِي
لتَنْمُوَ في مشارِفِه ِ الشّجُون ُ
أنا هنا لا أقلب المتاح من الفكرة " الوطن "، ولكن أعري ورقة التوت عن جسد المتخيّل الذي لا يهدأ، فالنص وحسب مُعطى تشكيله الفني، يرزح تحت وطأة مثل هذه المواجهة، فالوطن الكائن والوطن النص الشعري، كلاهما محتل من ذائقة استبدادية، يسعى الشاعر إلى تحريرهما معاً، عبر وسائل الاتصال باللامألوف، فلا يشجيه أن ينام وهو متوسد حلماً لا يتحقق، ولا تعطله رؤى تبحث عن لحظة هدوء، ولو نسبي، أمام هذا البريق الذي يلمع في الحرف ودلالاته:
أنْـفِي ركونِي للْغِوايَة ِ دائمًا
وتَسَرُّبِي من سابع ِ الشُّرُفات ِ
أنْـفِي مكوثِي في رُبُوع ِ خليقة ٍ
كم ْ أنْجَبَت ْ في موْسِم ِ الأموات ِ
ربما يظنّ القارىء أنني أبحث عن هيئة الموضوع، أو هيئة الدلالة، وهذا حق له، ولكنني، أحاول اصطياد هذا المتغيّر الذي يحدثه الشاعر في الواقعة الشعرية العربية، بدءاً من تثوير الإيقاع، ومحاولة تتطويعه لبنية لغوية غير كلاسيكية، بنية قادمة من أعماق فهم الشاعر لماهية الشعر، وعدم الركون إلى المنجز، بل هو يستظهر كلّ مآزق البنية الخليلية، ليقدم حلاً جديداً، ينسجم مع حداثة الرؤى التي ينتجها النص الحداثي:
تذيعُهُ عاليًا ، هل بات َ يسرِقنِي ؟
هل بعضهُ سَرّبَت ْ أحلامُهُ شَجَرِي؟
أتيتُه ُ طائعًا في ليلة ٍ بزَغَت ْ
مِنْ غربَتِي من ْسرَاب ِ الرّوح ِمن ْ قدَري
يسوقُنِي في غياب ِ الصّمت ِ مرْتَعِشًا
إلى بلابلِهِ في زحْمَة ِ الخَطَر ِ
هذا الحَنِين ُ إلى أيّامِنَا وإلى
غوايَة ِ الزّهْر ِ في ترنِيمَة ِ المَطَر ِ
تَرَفَّقِي لست ُ صَنْديدًا وما بلَغَت ْ
نبَاهَتِي موسِمَ الأزهار ِ والشّجر ِ
إذا عَبَرْت ِ عيونِي فافْتَحِي وطَنًا
يُريحُني كلّما سَلَمْتُه ُ وتَري
لأنَك ِ الماء ُ في أزيائهِ ، رسَمَت ْ
أطيافُهُ لغَتِي واسْتَعْذَبَت ْ سفَري
فالانتباه إلى أزياء الماء، وما تشكله من تداخل لأصوات غير ثابتة، والانتباه إلى اللغة وأطيافها، اللغة التي ارتاحت إلى المغامرة والخروج عن هيئة المألوف على يد الشاعر، تشي بتسرب قيم الاتصال بالموروث وتعميق حواسه، لهذا يأتي البلاغ باكراً:
سأعْبًر ُ العِشقَ مَملوءًا بِقوَّتِه ِ
إذا أتَتْنِي بلا ً خوف ٍ.. بلا جدل ِ
إذن هي ليست مجازفة غير مأمونة الجانب، بل هي واقعة لا محال في بحر من العشق، أو هابطة من سماء علوية، ليعود الشاعر، بعد أن يرمّمها، ويطلق عنانها باتجاه سماء أخرى، محملة بصمته الخاصة، وجنوده، ومواليه:
يُمارس ُ حرفة الأفلاك شوقي
ويعزف ُ زفرتي في اللـّيل قهرا
بأيِّ الشعر تقذفني إليكم
سمائي لو ركبت ُ الشِّعر دهرا ؟
نحن أمام حالتين من الاتصال، حالة شفاهية تعيدنا إلى أصل الشعر، وحالة كتابية تقودنا إلى إعمال الذاكرة في المستجدات التي طرأت وتطرأ بشكل كبير على مسيرة الشعر العربي، وهما حالتان تضعان أمامنا نصّاً واحداً بغرفتين مختلفتين تماماً، غرفة لها شبابيكها وأبوابها " الحالة الشفوية "، وغرفة بلا شبابيك وأبواب، وفيها من دوائر الهندسة ما يخفي وراءه كثير من الخطوط الأولى، أو النقط الأولى للبيكار الهندسي " الحالة الكتابية " فكيف نفرق إذن بين حالتين لنصّ واحد دون الرجوع إلى أصل الذات الفاعلة والمسيطرة على الخارج الشعري، صلة التماس النهائي بين الشاعر والمتلقي.
لكنَّنِي عاشق ٌ مرَّنـْت ُ أسئلتي
فأينَ ما حل ّ َ عِشْقي يَدْفَأ ُ الوَرَع ُ
عَيْنَايَ لمْ تَقْطُرَا بالدّمْعِ يوم َ رأَوْا
بعضي يُسَابِق ُ أطيَافًا ويَرْتَفِع ُ
الرِّيح ُ تَحْمِلنِي لمْ تَشْتَرِط ْ وَطَنًا
لمْ تَشْتَرِطْ جُمَلا ً تشْتَدّ ُ، تَنْدَفِعُ
من هذا المنطلق نجد أننا أمام هاتين الحالتين، فإذا ما استطعنا الفرز بين الذوات في العملية القرائية، فإننا سنمسك بجذر الرؤية النصيّة التي يقوم عليها الداخل، وعليه يكون تقسيمنا للذات مدخلاً للبحث عن القيادة المركزية للنصّ الشعري، والذي يتناوب عليه كلٌّ من الداخل الشعري " النصّ الشفوي "، والخارج الشعري " النصّ الكتابي ".

منْ ظن ّ َ أن ّ الحبَّ يجهل ُ خَـلـْوتِي
فهوَ المُغَيَّبُ في السّرابِ السابع ِ
تحْتَـــَـلــّـُنِي المُدُنِ الأصيلة ُ هائمًا
ويُثَارُ حرْفِي في اللّهيب ِ الشّاسِعِ
ما كنت ُ يوْمًا بالأسيرِ فخُطَّتِي
أن ْ أرسُمَ الأنغامَ جَنْبَ تواضعِي
سأمُرّ ُ فوق َ الرّيح ِ ثمَّ أديرُهُ
حتَّى يغادِرَ ثرثرات الضائع ِ

ولقراءة أشمل أستطيع أن ألخص مآل التجربة إلى قوة حضور هذه الذوات التي تزدحم في غرف النص الشعري لدى الشاعر: فالذات الباحثة: هي الذات التي لا تتصل بالعملية الشعرية، وهي الخازن لكلّ مفاتيحها الأولى، وهي تلك الذاكرة الحافظة لكلّ مقومات الفرد الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من مقومات على تماس كبير مع البناء الوجودي للفرد.
أنت َ تسْتَعْمِل ُ الجنون َ سفيرًا
حين َ يَرْمِي الجُنون ُ فيك َ طموحَا
أنت َ هذا الأخير ُ يَغزِل ُ شعْرًا
في سَراب ٍ لا يَسْتَحِب ّ ُ الوضوحَا
والذات اللاقطة: هي المفتاح الأول للذات الباحثة والتي تشير في حراكها إلى الأبواب المغلقة، وتساعدها استمرارية الكينونة الواقعة بين إطار الواقع الذاتي والواقع المجتمعي
هذا أنا المختال ُ أحمل ُ فطْنَتِي
وأسير ُ في أشواقِكم ْ محبوبَا
مرّرْت ُ بعضِي في الشّجون ِ محاولا ً
أن ْ أَملأ ََ الحبّ الأخيرَ هُبُوبَا
ما جئت ُ من ْ نثـْر ِ الحروف ِ ولا أنا
مَن ْ شِعْرُه ُ يَمْشي به ِ مقلوبَا
والذات المستوعبة: وهي الذات الواصلة بين قطاع المعرفة وقطاع السلوك، وهي حالة متغيّرة، تتغيّر وفق معطيات المؤثرات.
سأطيل ُ في سْحْر ِ البلاغة ِ دائمَا
حتّى يرى غيري الهَوَى مسكوبَا
والذات المُخْتَزِلَة: وهي العنصر الأول للشكل والتشكّل، شكل المعرفة، وتشكل السلوك، وهي منفتحة على الدلالات الغيريّة، دلالات الفضاء والآخر المتصل بالذات اللاقطة.
هذا أنا المَرْسوم ُ في أحلامِكم ْ
ستعيدُنِي أحلامُكم ْ مجذوبَا


والذات المُنْتِجَة: وهي منزلة التفرد تجاه التفاعل الكيميائي للعناصر، وهي نواة التمحور حول ظاهرة عينيّة واحدة
مِن ْ هُنَا يبْدَأ ُ النشيد ُ جديدًا
مِنْ هُنَا والرّبيع ُ يَلـْـهَث ُ خَلْفِي
والذات الدافعة: وهي الذات المنشغلة بدفع الأيقونات اللا شعريّة من وسطها التراكمي الغباري، وهي في معناها الدلالي الذات المكثِّفة
سيصيرُ السَّراب ُ كشْفًا بَعيدًا
حين َ أجتاز ُ كل ّ َ سَهْل ٍ وجُرْفِ
يسكُبُ الحب ّ مستحيلا ً أمامي
برّنِي منذ ُ أن ْ أتيت ُ بعزْفِي
والذات المتَّصِلة: وهي حلقة الوصل بين الشعري واللاشعري، وهي محور التشكّل الدلالي المنضبطة في حدود الإيقاع
نمَوْت َ في بَطْنِهِ واسْتَحْكَمَ الهَدَف ُُ
نموت َ حُرًّا ولم ْ يعبث ْ بك َ التّرَف ُ
نمَوْت َ مُسْتَوْطِنًا أرْضًا بِهِ فَنَمَا
على مسائك َ مُرّ ٌ واسْتَوى الشَّرَف ُ
والذات المراقبة: وهي الذات المتَّصلة بالمتلقي، الناقلة للخطاب، وهي أسّ التمحور الدلالي
فما دعاك َ لهذا العزْفِ في جمَل ٍ
وأنت َ ما زال َ يهذي قُرْبَك َ الألف ُ ؟
تغوص ُ مسْتَبْشِرًا في كل ِّ شاردَة ٍ
وخلْفَكَ اللـَّون ُ مِنْ كوْنَيْكَ يَرْتَشِف ُ
فلـْتَحْتَرِفْ لُغَة َ الأشياء ِ مُختَلِفًا
فما وَعَتْك َ ظلال ُ اللـَّيْل ِ والصُّدَف ُ
والذات المشاركة: وهي الذات الجمعية الموصولة بالذاكرة المعرفية، الباحثة عن الفكرة
أفِـيقِـي لسْتُ أعْرف ُ منْ تـَجَلـَّى
ومَارَسَ سِحْرَهُ فِـينـَا وظلا َّ
ومَرَّغ َ قـَسْوَتـِي في العِشـْـق ِ حِينـًا
وأغـْرَقَ خـَافِقـًا عَشقَ الأجَلا َّ
لـَعـَلَّ بَهَاءَهُ يـَجْـتـَاح ُ عـُمْـقِي
لِـيَـخْــلـدَ يَوْمَهَا عِـشـْـقِي لـَعَلا َّ

فيما تأتي الذات المطمئنّة: وهي مجال النصّ الشعري المعرفي، القابلة للانعكاس والتمايز والتبدّل، وهي حاضنة للذوات ومرشدها إلى التمحور القياسي اللغوي بشقّيه السردي والشعري، لتشكل آلية الفعالية الجديدة التي يسعى الشاعر إلى إبرازها:
نـَفـْسِي وما سوَّاها ..
بينِي وبين َ الله أشياء ٌ ..
فسر ّ ُ العشْقِ يسْري
حامِلا ً روحي إلى تـَقـْــوَاها
ما عبَّرَ المجنون ُ
إلا ّ َ عندما مسَّـتـْه ُ
أيْدي اللــَّـوْن ِ..
هل ْ غَنَّيْت ُ أم ْ غَـنـّـَاهَا؟
تمْتَصّني الأنغام ُجَنـْـب َ الرُّكْـنِ
والأذكار ُ في مَسْرَاها


وبالإمكان إعادة هذه الذوات، أو اختزالها في ذاتين، وفقاً لحدود معرفتنا بأبعاد النصّ الشعري الكتابي، ودلالاته، واتجاهاته، كما يلي:
1_ ذات داخلة وتتشكّل من الذوات " الباحثة، اللاقطة، المستوعبة، المختزلة، والمنتجة "
2_ ذات خارجة وتتشكل من الذوات " الدافعة، المتصلة، المراقبة، المشاركة، المطمئنة".
وبعد: فإننا أمام هذه الواجهات " الذوات " نقف متلمِّسين جملة المفاتيح التي يحملها النصّ الشعري، ووفقاً لها، نستطيع الكشف عن وجهة النصّ وتفرّعاته، فإذا ما احتوى النصّ الشعري بإيقاعاتهِ المختلفة " الفكرة والجنوح " على سُلَّم هذه الواجهات، فإننا عندئذٍ بمقدورنا أن نتعامل معه كنصٍّ منجز ناضج يحملنا معهُ في سفرهِ إلى المراد الداخلي للحواس التي تتحفّز لالتقاط الجماليات التي يحتويها كشفاً أو مواربةً.
هذه محاولة لقراءة الفعالية التي يسعى الشاعر لتجذيرها، مقابل الإمساك بجذر جديد للإيقاع، والتحوّل اللغوي، والوقوف على عتبات جديدة، في محاولة للنهوض بالشعر القديم والحديث معاً من زوايا الكربون، وتحبير الورق، وما هذه الشذرات إلا بساط أوّلي لقراءة أكثر عمقاً لتجربة شعرية فذة، استطاعت أن تتفادى أشواك التجريب، تجربة تستحثّ اللغة للسباحة في بحر الإيقاع، وتستحث الإيقاع لتجاوز مطبات اللغة، وكلاهما غير مأمون الجانب، إلا إذا كان سلاح الشاعر مشرعاً تجاه خلق مفهوم جديد للشعرية، وهذا ماحاز عليه شاعرنا المبدع .


مجذوب العيد المشراوي
اصوات الشمال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://doroob.own0.com
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الـمـصـباح .. مـجلـة نـوافـــــــــــــذ ثـقـافـيـة :: دروب أدبـيــة :: > مراجعات و دراسات أدبية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» شنطة سفر
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2016 10:04 pm من طرف للنشر

» ومازلتُ أُكابر
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2016 9:24 pm من طرف للنشر

» خطوة إلى الوراء
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالأحد أبريل 17, 2016 5:02 pm من طرف للنشر

» أنا والستارة الخجولة/ الشاعرة ميسا العباس
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالسبت مايو 23, 2015 12:50 pm من طرف للنشر

» الراهبة / مختار سعيدي
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالسبت مايو 23, 2015 12:42 pm من طرف للنشر

» حلم كأنت/ ميساء البشيتي
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالسبت مايو 23, 2015 12:38 pm من طرف للنشر

» هل أسري أو عرج برسول قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2015 2:53 pm من طرف اسكن عيونى

» الذئاب /حنان علي
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2015 12:46 pm من طرف للنشر

»  نحو نقد ادبي موضوعي /د انور غني الموسوي
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2015 12:14 pm من طرف للنشر

» ما المشاهد التي تستفيد منها الأمة في رحلة الإسراء
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 12, 2015 5:15 am من طرف اسكن عيونى

» تجليات المعراج
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالسبت مايو 02, 2015 9:55 am من طرف اسكن عيونى

» سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 29, 2015 8:36 pm من طرف اسكن عيونى

» ديوان عنترة بن شداد ? - 22 ق. هـ / ? - 601 م
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 28, 2015 5:02 am من طرف للنشر

» قراءةٌ في رواية ديبورا ليفي (السّباحة إلى المنزل)
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالإثنين أبريل 27, 2015 11:20 pm من طرف للنشر

» ابو بدر ياسين حيدر في الميدان يرحب بكم
النص الشعري في ديوان " شظايا "/ قراءة في آليات التجديد I_icon_minitimeالإثنين أبريل 27, 2015 11:00 pm من طرف للنشر

المواضيع الأكثر شعبية
عرض كتاب الأسلوب والأسلوبية للمسدي / هدى قزع
شعر النقد الاجتماعي في العصر العباسي /هدى قزع
المنهج الجمالي عند الغرب/هدى قزع
قصيدة ابن الرومي في رثاء مدينة البصرة
عرض كتاب الأسطورة في الشعر العربي الحديث
مفهوم الأدب عند الجاحظ في كتابه البيان والتبيين
الأدب المقارن /هدى قزع
شفرة دافينشي" تفضح اسرار لوحة "العشاء الاخير
آخر ما توصل إليه العلم في نيل السعادة
كتاب العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية / تأليف:أ.د.نهادالموسى
مواضيع مماثلة
    المواضيع الأكثر نشاطاً
    ديوان عنترة بن شداد ? - 22 ق. هـ / ? - 601 م
    موسوعة محمود درويش
    رســــــــــــــــائل حب إلهيه
    خلف النافذة الرمادية/ حسين خلف موسى
    يسألوني عن وجعي وأنت وجعي
    آخر ما توصل إليه العلم في نيل السعادة
    قصيدة بعنوان بئسَ الهوى
    قصيدتي الجديدة بعنوان: عرّابي
    ألعبد سعيد
    ميـــ ــلاد
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 121 بتاريخ الأربعاء يوليو 05, 2023 11:33 pm