[b]مراهقة فما العمل؟
عبير النحاس
عندما قرّرت أن أكْتب هذا المقال قمت بتدوين عنْوانه و فكرَته و موعدُ التسليم في مفكّرتي, ثم بدأتُ باستعراض ما في مكتبتي, وما في الشّبكة العنكبوتية من كتب: تحكي و تشْرح للمُراهق كيف يسير قِدما في الطّريق الصّحيح, و كان قدراً رائعاً من الله تعالى أن تعرّفت على كتاب اسمه: (كيف أصبحوا عظماء ) للأستاذ "د. سعد سعود الكريباني" و استغرقت فيه زمانا و نسيتُ أمر المقال, بل و تأخرت في تسليمه عن الموعد المحدد, فقد عشت لحظات نشْوة لا تقدّر, و اقشعر بدني مرارًا، و خفق قلبي طويلاً و أنا أبحر مع سيرِ العظماء التي احْتشدت بكل أناقةٍ و جلال في هذا الكتاب الممتع, و ربما أعتبر مقالتي هنا دعوة لمشاركتي تلك المتعة و الفائدة؛ التي جنيتُها من قراءتي, و الّتي لن تغني عنها بضْع كلماتٍ أو قصص أنقلها منه هنا, و ربما يسرني أن أنقل ما لخَّص به كتابهُ لأطفئ بعضا من فضول أثْرته بكلماتي.
فقد قال:
" أخيراً أيها الشباب .. ملخص هذا الكتاب، ملخص ما أردته منكم هو ثلاث جمل:
- لتكن لديكم أهدافكم الواضحة والمكتوبة.
- ثابروا واعملوا وابذلوا قصارى جهدكم لبلوغ أهدافكم.
- لا يحطمنكم الاستهزاء والنقد مهما بلغت درجاته وكثرت مصادره."
نعم هي الخطوات الصّحيحة لتحقيق الأحلام الكبيرة, و التي يجب أن تبدأ في هذه السّن تحديدا, و هي السّبيل الوحيدة لتبدأ بها السّير نحو القمة, و لتترك لك بصْمة في هذه الدّنيا و تكون من السعداء, و هي الطّريق الذي سرت فيه يوما لتحقيق حُلمي الجميل بأن أغدو كاتبة و أمتلِك ناصية القلم يوماً.
فقد كان من جميل ما مرَرت به في صِغري, أن قرأْت مقالاً مترْجما في مجلة يحْكي عن ضَرورة كتابة الأهداف, و عشْت في خلوتي مع خطَطي الصَغيرة و أحلامي الكبيرة، و انتهيت بكتابة هدفي الكَبير في أن أكون كاتبة, و عشْت لسنوات أبني قصْري الجَميل في مدينة أحلامي, و أرى جَمال الكون من نوافِذه.
و كانت الصّدمة عندما رفض والدي أن ألتحق بكلية الصّحافة عندما نلْت الشّهادة الثّانوية, و كان مجموع علاماتي يؤهِلني للالتحاق بها بسُهولة, و لكن خوفَ الأبِ على طفلته من دراسةٍ قد لا تجِد بعدها وظيفة مضْمونة, و طريقٍ لا يأمن نهايته السعيدة بحسب رأيه و رأي المجتمع آنذاك؛ جعله يحول بمحبّته و خوفِه دون حلْمي الجَميل, و وجدْتني أسير في طريق التّدريس و قد اخترت الرّسم كمادة دون غيره؛ لأنَّه متْعتي التي توازي متعة الكتابة.
و أبى الحُلم أن يغادِر كياني, و كنْت أراني أقف أمام الكتب كجائع، أمام رغيف تفوح منه رائحة الخبز الطازج , و كنت أشتري الكِتاب لأعيش معه ساعات لا أكثر, و استغرقت في كتابة المذكَّرات لسنوات, و لكن خوفا من سخرية من حولي جعلني أكتفي بقصاصات لنفسي تحفظها ظلمة الأدراج.
و كان أن تجرأت يوما على عرض بعض قُصاصاتي على من رأيت فيه القدْرة على كتمان أمري, و كنت قد وثقت برفيع أخلاقه و بعده عن السّخرية من خربشاتي, فكان أنْ أثنى و مَدح وَوَجه و نصَح, ووجدْتني أسارع بها إلى إحدى المجلّات فأراها منشورة كما هي, فاشتعلت نار بخور الحلم و فاح العطر من جديد و انتَعشت روحي و سُرَّت دواة مدادي، و بدأ القلم يسْتعيد عافيته و ثِقته بمنْ يحْمِله، و يرى صورةَ الحُلم واضحة المعالم جليّة بّراقة مرة أخرى, و راح يسْكب على الورق حروفا تدْرك أنّ الهدف و العملَ الجاد و عدم الالتفاتِ للمحبطين هو الطَريق, وترسِل رسالة امْتنان لكلمة التشجيع تلك, و تعلمُ أنها كانت سببا في العودة نحو القصر، و مدينة الأحلام القديمة.
فها هي الطّريق, و ها هو الاتّجاه, و قد تبين أن هدفا ما يجب أن تنْثره على الورق, و أن عملا به و مثابرة عليه و صبراً على لفتات الساخرين و صرخات المحبطين: هي سر الوصول إلى ما حلمت به، ومن ثمّ العيش بعدها بهناء لتستمتِع بما حقّقته, فهل نبدأ الخطوَ نحو الوَرق؟ .
عن لها اون لاين[/b]