عزيزتي غادة..
وصلتني رسالتاك ، فيهما قصاصات من الأوراق الخاصة .بحركة صغيرة ، شحطة واحدة فوق نهايات الحروف أعدتِ إلى عالمي المعنى والتوهج وجلدني الشوق لك وأسرني ذكاؤك الذي أفتقده بمقدار ما أفتقد كفيك وكتفيك..
أيتها الشقية الحلوة الرائعة ! ماذا تفعلين بعيداً عني ؟ أقول لك همساً ما قلته اليوم لك على) صفحات الجريدة : ( سأترك شعري مبتلاً حتى أجففه على شفتيك!) أنني أذوب بالانتظار كقنديل الملح. تعالي!
أحس نحوك هذه الأيام – أعترف – بشهوة لا مثيل لها . إنني أتقد مثل كهف مغلق من الكبريت وأمام عيني تتساقط النساء كأن أعناقهن بترت بحاجبيك. كأنك جعلت منهن رزمة من السقط محزومة بجدولتك الغاضبة الطفلة..لا. ليس ثمة إلا أنت . (إلى أبدي وأبدك وأبدهم جميعاً) ...وسأظل أضبط خطواتي ورائك حتى لو كنتِ هواءً.. أتسمعين أيتها الشقية الرائعة؟ حتى لو كنتِ هواءً! ولكنني أريدك أكثر من الهواء. أريدك أرضاً وعَلَماً وليلاً...أريدك أكثر من ذلك. وأنتِ؟
ليس لدينا أخبار كثيرة هنا . آني عادت فجأة . أرى عاطف وكمال غالباً وأمس سهرت مع آرتين ومع فواجعه و"بوزاته" ..عاطف جاء أمس ودخل إلى المكتب غاضبا وتشاجر مع كمال لأنه لم يره منذ فترة ثم سألني : أين كنت يوم السبت؟ غادة أرسلت شخصاً وفتشت عليك في المكتب والبيت طوال الليل والنهار! يا عاطف العزيز كنت في البيت وفي المكتب! لا . نعم . وانتهى الأمر هنا . غداً صباحاً سأسافر إلى القاهرة لحضور مؤتمر الصحفيين العرب وسأعود الاثنين أو الأحد ...هل سأجدك هنا؟ سيكون عنواني هناك : (بواسطة مروان كنفاني ، جامعة الدول العربية ، قسم فلسطين). اكتبي لي ، فقد يكون المطر غزيراً هناك ، أحتاج إلى حروفك لأفرش أمامها راحتيّ التواقتين لك!
بلى. خبر مهم: أحدهم وزع خبراً على الصحف يوم الجمعة الماضي: " سيتم في جو عائلي ، خلال الأسبوع القادم ، زفاف الزميل غسان كنفاني على الأديبة المبدعة غادة السمان.." المحررون في الصحف عرفوا فرموا الخبر . في آخر لحظة اتصل بي زميل من صحيفة ما يريد أن يبارك لي ويعاتبني على عدم إخباره..ثم أخذ يركض إلى المطبعة فشال السطرين الهائلين عن الطابعة..مرت العاصفة وأنا غير مكترث..لم تكن غلطة الذي دس الخبر ولكن غلطة السنوات الخمس التي مرت، لا شيء. مزيداً من الذين يقولون: سيتعب ذات يوم من لعق حذائها. مسافر من دمشق جاء ليقول لي أن دمشق تتحدث عنكِ ،حسناً، وعني. قال إن الأوراق الخاصة تظهر أنك معذب ومهزوم وتصطدم بالزجاج كأنك ريح صغيرة . ثم نظر إلي وأنا صامت وأبلغني : حرام.
اكتبي لي..لماذا لا تكتبين؟ لماذا؟ لماذا أيتها الشقية الحلوة؟ أتخافين مني أم من نفسك أم من صدق حروفك ؟ اكتبي
غسان