1 – غرين لاند
في يوم الاثنين أو الثلاثاء من كل أسبوع يجلب ساعي
البريد صحيفة هيرالد تريبيون الخاصة بالكتب من نيويورك وهي تتناول الكتابة
بمختلف أنواعها والكتاب بمختلف أنواعهم .
العديد من الكتب يطبع والعديد لا يطبع وانا أريد أن أعرف مبني ضخماً في
مدينة واحدة لا يوجد فيه علي الأقل كاتب واحد ، وإذا كانت هناك قرية صغيرة
تضم خمسين شخصاً في مكان ما لا يعيش فيها أحد الكتاب فأريد أن أعرف هذه
القرية أريد ان أذهب إلي قرية وأحاول ان أكتشف لم لم يحاول أحد من الخمسين
شخصاً أن يخبرنا قصة الإنسان علي الأرض . أريد أن أسير في القرية في صباح
ما وانزل بهدوء حيث الشارع الرئيسي وكل ما يحيط متأملاً البيوت ودارساً
نزاعان السكان فخمسون شخصاً هو عدد كبير من السكان ولحظات حياتهم كثيرة .
أريد أن أعرف قرية كهذه ولكنني متأكد من عدم وجود مكان كهذا مطلقاً وليس
فقط في غرين لأند .
إذا كنت تظن أنني امزح ، فإن كل ما يحب أن تفعله هو أن تنزل إلي المكتبة
العامة وتبحث عن أدب غرين لأند ، وستجد أنا لبلد ملئ بالشعراء وكتاب النثر
وهم كذلك مبدعون حقاً.
وبرغم ذلك فهي غرين لاند والنثر في غرين لاند.
بلدنا أميركا ، ذو أبعاد مترامية . ولدينا العديد من الكتاب الذين لم تطبع اعمالهم في الأغلب .
موضوع كتابتي الخاص هو سان فرانسيسكو ، ولكن ليس كل سان فرانسيسكو ، انة الجزء الغربى الممتد من شارع كارل حتى المحيط الهادى 0
انها غرين لاند ، وليست شابا ما ذكيا ، وبمقدورك ان تحمد الله انها هكذا
، ليست براعة بل مكان ، انها ليست فنا دقيقا بل فمن حتمى ، انها الشئ
الافضل : غرين لاند0
انا من سان فرانسيسكو ، الضباب ، ومنبهات السفن ، المحيط ، التلال ،
الكثبان الرملية ، سوداويه المكان ، مدينتي المحبوبة المكان الذي من خلاله
تنقلت علي الأرض قبل بزوغ الفجر ومتاخراً وقت الليل مدينة ذهابي ومجبئي
المكان الذي امتلك فيه غرفتي وكتبي وجهاز الحاكي العائد إلي حسنا أنا أحب
هذه المدنية وقبحها محبب إلي نفسي اننى لست كاتباً علي الإطلاق والحقيقة
أنني لا أريد أن أكون كاتباً .
أنا لم أحاول قول شئ لم أحاول أنا أقول ما لا استطيع كتمه فقط لم أستخدم
القاموس لم اخترع الأشياء كل النثر في العالم لا يزال خارج الكتب وبصورة
عامة خارج اللغة وكل ما أفعله هو أن أتجول في مدينتي مبقياً عيني مفتوحتين .
في كل يوم اثنين أو ثلاثاء أقلب صفحات هذه الجريدة التي جلبت إلي من
نيويورك وأنظر إلي الصور فيها وأحياناً أقرأ قليلاً من الكلمات هنا أو هناك
:
أسماء الكتب الجديدة وأسماء الكتاب أريد أن أعرف ما الذي يكتب من قبل
الرجال الذين يطبع لهم لأنني حين أعرف ما الذي يطبع أستطيع أن أدرك من الذي
لا يطبع واعتقد أن النثر الأعظم في أميركا هو النثر السري فالجميع يعرف
أنه في مقابل أي كتاب يطبع يوجد عشرون أو ثلاثون أو أربعون كتاباً لم تطبع .
عن نفسي انا كاتب متواضع جدا ذلك لأنني لم أقرأ أعمال الكتاب العظام أو
لأنني لم ادرس في الكلية أو بسبب أن المكان بالنسبة لي أكثر أهمية من
الإنسان رسوخاً وهو لا يتكلم والكتاب الذين طبعت كتبهم يتحدثون كثيراً جداً
وكلامهم بصورة عامة هراء أريد أن أعرف ككاتب هل هناك من شئ يمكن الحديث
عنه ؟ أنا اعرف ان هناك الكثير ليمصت عنه بالنسبة للكاتب أعرف أن الكثير
يمكن الحديث عنه ولكن ليس ككاتب الطقس خصوصاً آه جميلة، جميلة ، الشمس
جميلة جداً هذا الصباح ، وهكذا ولكن هذا يقال في كلمات مختلفة وبالمعني
ذاته وكذلك : اليوم هو اليوم الرابع من الجمال المشمس وهو اليوم الذي قد
بقيت فيه في غرفتي إنه يوم جيد حقاً وكنت سعيداً حقاً والآن يجب أن أبقي في
غرفتي بالرغم من نقاء الهواء ودفئه يجب أن أبقي هنا وأحاول أن أتكلم بهدوء
عن هذه المدنية ولكن ليس ككاتب .
ما يعادل ذلك هو أنني أريد أن أُحاول قولَ كلّ ما كان حرياً بالكتّاب
الذين لم تطبع أعمالهم أن يحاولوا قوله لو كانوا هنا ، ول عاشوا خلال هذه
الأيام الثلاثة ذات البديع .
وأنا متأكد أنّني لن أحاول كتابة قصة ما. القصة ، هنا ، بالطبع . من
المستحيل أن أهمل القصة . إنها موجودة دوماً ، حتى لو كتبت عن صناعة
الساعات أو الغسالات الكهربائية فالقصة موجودة . إنها مدينتي :سان
فرانسيسكو ، وإنها الشمس شديدة السطوع ، المكان ، إنه الهواء شديد النقاء ،
إنها نفسي حيّة ، وإنها الأرض : غرين لاند وليست براعة ، أميركا وليست
كلاماً . هذه هي القصة الأولي ، وإن لم يعجبك أسلوبها فبإمكانك التوقف عن
القراءة ، لأن هذا هو كل شئ ، المكان ، وما نفكر به هو أقل أهمية مما نشعر
به ، وعندما يكون المناخ علي هذه الشاكلة فإننا بأننا أحياء . وهذا الشعور
هو نثر عظيم وشديد الأهميّة . الوجود الأول هو المكان ثم أنفسنا ، وإنها كل
شئ غرين لاند ، أمريكا ، مدينتي ، سان فرانسيسكو ، نفسك ونفس ، التنفس ،
معرفة أننا أحياء ، شرب الماء والنبيذ ، تناول الطعام ، المشي ، مشاهدة
أحدنا الآخر ، وكل الكتّاب غير المعروفين والذين لا اسم لهم في كل مكان
يقولون ما أقوله : كلنا أحياء ونتنفس ، لذا إذا كان الأسلوب غير ممتع لك
فبإمكانك أن تقرأ بدلاً من ذلك ، جريدة المساء ، واذهبْ إلي الجحيم.
2- فلاديمير
كان فلاديمير هوروتز ، هنا ، قبل عدة أيام مضت وفي أحد المساءات عزف علي
البيانو في دار أوبرا سان فرانسيسكو فصفقت السيدات الثريات له وذلك ما
أثارة النقاش إذ بقين يتحدثن عن أصابع فلاديمير ومعظم الكلام كان هراء ،
وبشكل جلي ، فإن الهروب من الهراء كان مستحيلاً.
وصل فلاديمير إلي هذه المدينة مساء الثلاثاء 27 شباط وعزف علي البيانو
وجميع السيدات الثريات البديبات والتحيفات صفقن له فأخذ نقوده وغادر إلي
لوس أنجلس أعتقتد والسيدات لا يزلن يتحدثن عنه بشكل لاهث ولو ان ذلك بالطبع
بشكل غير جنسى إن كينونه الفن كينونة وليست جسدية حسناً إنه لأمر مضحك
فأنا بنفسي سمعت عدداً من النساء يتحدث عن أصابع فلاديمير ولم يكن الحديث
عن الروح ولم يكن من خلال رمية بعيدة ، ولكن ليست هذه بالطبع النقطة
الأساسية
فالجميع قد سمع السيدات الثريات يتحدثن إنه لأمر ممتع بطريقة ما ويكون
أمراً منصفاً أيضاً إن الحديث لم يكن عن الروح فحتي الأثرياء هم ، بالأساس
أحياء يتفسون إذا ذهبت السيدات الثريات إلي الحفلات الموسيقية فلأجل الحديث
عن شئ ما شئ ما آخر غير الطقس بسبب أنهن ثريات وبسبب أنه يعد أمراً مخجلاً
الحديث عن الطقس عند الجلوس في أفضل شرفات المسرح لكن السيدات يجب أن
يتحدثن عن شئ ما وهن لا يستطعن الاستمرار في الحديث عن روسيا إلي الأبد
ولكن النقطة الأساسية هي نفسى مرة ثانية يجب أن أبين أن ليس من شئ أقوله في
أي وقت هو سيرة ذاتية خالصة ، والحقيقة هي أنتي دائما اتحدث وأفكر في
المكان وزمن المكان أنا نفسى مطوق بالفكرة لأنها حتمية إنها ليست مسألة
غرور ولكنها مسألة دقة وحقيقة أنا نفسى أعمل بموضوعية عالية في هذا المكان
وهذا الزمان .
في المساء الذي عزف فيه فلاديمير علي البيانو للسيدات الثريات جلست
وحيداً في غرفتي مصغياً إليه بدأت الحفلة الموسيقية في الساعة الثامنة
والنصف وكنت في غرفتي قبل الميعاد بساعة رأيت المظهر الخارجي لدار أوبرا
سان فرانسيسكو عدة مرات ومرة تسلك إلية فرأيته من الداخل لذا أستطيع أن أري
المكان عند الليل وأنا جالس في غرفتي في حوالي الساعة الثامنة بدأت أري
المكان عند الليل وأنا جالس في غرفتي في حوالي الساعة الثامنة بدأت أري
السيارات الفاهة قادمة إلي دار الأوبرا وبدأت أري السيدات الثريات يتدجلن
من السيارات وكل سيدة ارتدت أحدث طراز من الزي السائد بعد قليل من الوقت
أخذت السيارات تصل بأعداد عظمية وبدأ رجال الشرطة المتخصون بإلصفارات
واضعين الحالة تحت سيطرتهم .
سار فلاديمير فوق منصة المسرح فبدأت السيدات بالتصفيق عزف وانحني وعزف
وانحنى والسيدات يصفقن له بعدئذ أخذ نقوده وغادر إلي لوس أنجلس وجلسيت في
غرفتي مبتسماً لما حصل ما آمله هو أن فلاديمير قد حصل علي قدر كبير من
المال ذلك هو الأمر المهم .
لأنني كبير في المدنية لذا لم أستطع سماع الحفلة الموسيقية جيداً وفي
الحقيقة فإنني لم أستطع سماعها البتة أستطيع أن أتخيل فلاديمير وهو يعزف
فقط حسناً في النهاية وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً قررت أن أصغي إلي
الحفلة الموسيقية الخاصة بي فسرت بسرعة إلي الساحل بجانب المحيط الساحل هو
المكان الذي تباع فيه سندويشات السجق الساخنة والذي يمكنك أن تركب فيه
الشلالات والأشياء الأخر وهناك دوامة خيل عند الساحل ذهبت إلي دوامة الخيل
وأصغيت إلي موسيقاها بقليل من الأولي والنقطة الرئيسية هي أن فلاديمير لم
يعزف موسيقي دوامة الخيل وان موسيقي دوامة الخيل عزفت آليا وكانت رديئة
للغاية ولكنها رائعة للغاية إنها الموسيقي التي يسمعها الأطفال الصغار
عندما يركبون خيول ( دوامة الخيل ) وماعزها وأسودها وجمالها وهي موسيقي
الذكري رديئة غاية في الرداءة وصعبة حقا للحديث عنها ومع ذلك فقد كانت
رائعة للغاية جلست وحيداً لأصغي للحفلة الموسيقية وفي منتصف الليل توقفت
الموسيقي فصفقت بشدة وقلت : مرحي إنها القصة الثانية : أنا وفلاديمير
والسيدات الثريات .
3- تنفس امرأة عجوز
لن أكتب القصة الثالثة لأنها ليست بقصة يمكن أن تكتب هذا الصباح وعبر
نافذتي ، رأيت المرأة العجوز التي انحنت نصف انحناءة إلي الأرض وكانت في
الخارج تحت أشعة الشمس تمشي وتتنفس وترتدي ثياباً سوداً كما هي دائما كانت
تعاني ، علمياً من الخلاع
[1] وكانت تمشي تحت أشعة الشمس عرفت أنها كانت قصة لا أستطيع كتباتها فقلت
انني سأقول هذا فقط : إن تلك المرأة العجوز كانت في الضياء هذا الصباح وهي
نفسها لا تزال حية تتنفس ، المرأة العجوز الضئيلة المنحنية نصف انحناءة نحو
الأرض تتنفس هذا المكان وهذا الزمان تتنفس المكان وليس البراعة غرين لاند
وأميركا لحظة تنفسنا أدبنا الأعظم اللامكتوب واللامتكلم فلاديمير نفسه وليس
الحديث وعزفه والموسيقي الآلية لدوامة الخيل وليس هناك من أطفال في منتصف
الليل هناك أشباح الأطفال جميع فقط وأخيراً اللحظة الأخيرة المشي وشم
الهواء للمرأة العجوز تحت أشعة الشمس وأنا عند النافذة وأنا أخيراً
فلاديمير والسيدات الثريات ودار الأوبرا والمحيط والكتاب هنا أو هناك تحت
ضياء الشمس ودفء الشمس والهواء النقي والمرأة العجو أنا أكتب النثر العظيم
في اللغة المفضلة لغة الوجود غرين لاند وأميركا الشاب الروسي جالس إلي
البيانو ، دوامة الخيل اللامتحركة ، والمحيط الهادئ إلي الأبد ، مدينتي
المحبوبة سان فرانسيسكو .
وليم سارويان